يُعد منزل بورلي الذي تواجد في مقاطعة إسيكس الأنجليزية واحدًا من أشهر المنازل المسكونة التي أثارت الرعب في إنجلترا بسبب الظواهر الغامضة و المشاهدات الخارقة للطبيعة التي يُزعم أنها حدثت داخله و علي الرغم من تدميره بالكامل إثر حريق حدث به أواخر ثلاثينيات القرن العشرين إلا أن قصص الأشباح و الأحداث الغريبة التي إرتبطت به لم تتلاشى بعد و لا تزال راسخة في وجدان العامة خاصة بعد زيارته من قبل الباحث الروحاني الشهير هاري برايس عام 1929 و تغطية صحيفة الدايلي ميرور لتلك الزيارة و إفرادها تغطيات صحفية إستقصائية حول المنزل أكسبته شهرة كبيرة و جعلت البريطانيين يطلقون عليه لقب أكثر المنازل المسكونة رعبا و غموضا داخل إنجلترا .
يرجع تاريخ منزل بورلي إلي القرن التاسع عشر حيث تم تشييده عام 1862 ليكون مقر إقامة القس ” هنري دوسون إيليس بول ” و عائلته في قرية بورلي الريفية و كان المنزل ذات طراز قوطي مهيب و يُحاط ببيئة ريفية هادئة و هو ما جعله مثاليًا لإثارة القصص و الأساطير عنه حيث تقول الروايات الشعبية أنه في تلك المنطقة كان يوجد ديرًا يعود إلي القرن الرابع عشر و مأهولاً بالرهبان و فيه حدثت قصة حب بين راهبة و راهب إنتهت بمأساة مروعة بعد إكتشاف أمرهم حيث أعدم الراهب و دفنت الراهبة حية داخل جدران الدير و علي الرغم من نفي هذه القصة لاحقًا في تحقيقات أُجريت في الثلاثينيات إلا أنها ظلت جزءًا من الأساطير المثيرة التي أحاطت بهذا المكان .
و عقب بناء منزل بورلي بدأ الأهالي يتناقلون روايات عن أحداث غامضة تحدث داخله حيث قيل أن بعض السكان سمعوا أصوات خطوات أقدام غير مبررة كما شاهدوا ظهور شبح لراهبة فيه و حتى ظهور عربة تجرها جياد يقودها فرسان بلا رؤوس و مع الوقت تزايدت تلك الروايات خاصة مع بداية عشرينيات القرن العشرين حيث أبلغ القس ” جاي إريك سميث ” و زوجته الذين عاشوا داخله عن رؤيتهم رأس جمجمة لسيدة شابة داخل لفافة ورقية و سماعهم لأصوات أجراس تقرع رغم أن الأجراس كانت قد أُوقفت عن العمل بالإضافة إلي ظهور أضواء غير مفسرة تظهر من النوافذ .
و نتيجة كثرة تلك الشواهد الغريبة داخل منزل بورلي بدأت الصحافة بالإهتمام به حيث نشرت صحيفة ” دايلي ميرور ” عام 1929 سلسلة من المقالات حول المنزل و طلبت من الباحث الروحاني ” هاري برايس ” زيارته و بالفعل قام بتلبيه تلك الدعوي و الذهاب إليه و خلال الزيارة إدعى مشاهدة ظواهر جديدة من نوعها كتحرك الحجارة و طيران أجسام من تلقاء نفسها و ظهور رسائل روحية علي الجدران و مع تزايد شهرة المنزل أجرى ” برايس ” عام 1937 دراسة شاملة عن تلك الظواهر الغريبة بمساعدة 48 باحثًا متطوعًا حيث حاول الجميع توثيق أي مشاهدات خارقة تحدث داخل المنزل .
و بحلول فبراير عام 1939 تعرض المنزل لحريق كبير بعد سقوط مصباح زيت عن طريق الخطأ علي يد مالكه الجديد الكابتن ” ويليام جريجسون ” و علي الرغم من إخماد الحريق إلا أن المنزل تضرر بشدة و لم يعد صالحًا للسكن و هي نقطة إستغلها ” هاري برايس ” جيدا ليُجري عمليات تنقيب جديدة في القبو حيث زعم أنه وجد عظامًا يعتقد أنها تعود لإمرأة شابة و لكن رفضت الكنيسة المحلية إقامة مراسم دفن مسيحية لهذه العظام حيث إعتقد الأهالي أنها بقايا عظام حيوانية إلا أن ” برايس ” أصر علي أنها ذات صلة بقصص المنزل المسكون .
و بعد وفاة ” هاري برايس ” عام 1948 قامت جمعية البحث الروحاني بنشر تقرير مطول عام 1956 حول تحقيقاته و كشفت أن العديد من الظواهر المسجلة فيه كانت إما مزيفة أو بسبب عوامل طبيعية مثل وجود الجرذان في المنزل أو تأثير الرياح أو من أصوات صادرة نتيجة تصميم المنزل و أشار التقرير أيضًا إلي أن زوجة القس ” ليونيل فوستر ” التي كانت تُعد من أبرز من شهد بحدوث الظواهر الخارقة إعترفت لاحقًا أنها اخترعت بعض الحوادث لتغطية علاقاتها الشخصية .
أقرأ أيضا : وجوه بيلميز الغامضة التى أثارت حيرة العلماء
و رغم التشكيك في صحة الكثير من الروايات التي إرتبطت بمنزل بورلي إلا أن القصص المحيطة به لا تزال موجودة و يصدقها الكثيرين و هو ما جعله رمز للرعب و الغموض و علامة كأحد أهم المنازل المسكونة في ” إنجلترا ” و ظلت مصدر إلهام في الثقافة الشعبية و أُنتجت أفلام و برامج تلفزيونية مستوحاة من هذه الأحداث كان آخرها فيلم “Borley Rectory: The Most Haunted House in England” الذي صدر عام 2017 و حقق نجاح لافت لإعتماده علي قصة لا تزال تثير رعب الكثيرين حتي وقتنا الراهن .