ماتس المتحجر .. قصة الجثمان الذي أذهل التاريخ و ألهم الأدب

فت ماتس أو ماتس المتحجر هي قصة مذهلة ترجع إلي القرن السابع عشر و تمثل لغزًا تاريخيًا أثار إهتمام العلماء و الفنانين علي مر العصور بعد أن تم العثور عام 1719 علي جثة محفوظة بشكل طبيعي داخل منجم للنحاس بمنطقة فالون في السويد بشكل أثار دهشة كل من رآها نظرًا لعدم وجود علامات تحلل علي جسدها و هو ما دفع الكثيرين للتساؤل عن سر تلك الحالة الفريدة و كيف يمكن لجسد أن يظل بهذا الوضع لمدة 42 عامًا بعد إختفاءه و ما زاد من شهرة ذلك الجثمان أنه لم يتعلق بالعلم و الطب فحسب بل شمل أيضًا قصص حب و حزن و إلهام أدبي تم ترجمته في صورة روايات و أشعار و مقطوعات موسيقية .

ماتس المتحجر .. قصة الجثمان الذي أذهل التاريخ و ألهم الأدب

بدأت قصة ” ماتس المتحجر ” في الثاني من ديسمبر عام 1719 حين إكتشف عمال منجم نحاس في منطقة فالون السويدية جثمان لرجل في نفق مغمور بالماء لم يُستخدم منذ زمن بعيد و ما لفت الإنتباه هو أن الجثة بدت و كأنها تنتمي لرجل توفي حديثًا حيث لم تظهر عليها أي علامات للتحلل و كانت محفوظة بشكل غريب بإستثناء فقدان ساقيها مما أثار الفضول بين العمال خاصة بعد أن وُصفت الحالة حينها بأنها “صعبة كالأخشاب” أو متحجرة و هو ما منح ذلك الجثمان لقب “عامل المنجم المتحجر” و أصبح ذلك الإكتشاف الغريب بمثابة تحديًا كبيرًا لمعرفة هوية صاحبه و فهم كيفية بقاءه بهذه الحالة المثالية بعد سنوات طويلة من وفاته و دفنه .

ماتس المتحجر .. قصة الجثمان الذي أذهل التاريخ و ألهم الأدب

و بعد إنتشال الجثة و رفعها إلي سطح الأرض تم عرضها للعامة مما جذب إنتباه و فضول السكان المحليين لمعرفة من صاحبها و أتت الإجابة من ” مارجريت أولسدوتير ” التي كانت خطيبة ” ماتس إسرائيلسون ” الذي إختفي في مارس عام 1677 و ذلك بعد أن تعرفت علي ملامح وجهه و ملابسه ثم زعمت إمرأة أخري أنها كانت أيضًا خطيبته و هو أمر أثار الجدل بين السكان بشكل دفع بعض المؤرخين للإعتقاد بأن هذه الإدعاءات كان بدافع الحصول علي إمتيازات مالية كانت تُمنح لأرامل عمال المناجم في ذلك الوقت .

منجم النحاس الذي تم العثور علي الجثمان فيه

و ظلت جثة ” ماتس المتحجر ” علي حالها إلي أن جاء ” كارل لينيوس ” و هو عالم في الطبيعة قام بفحصها و لاحظ أنها لم تكن متحجرة بل مغطاة بمادة تُعرف الآن بإسم ” كبريتات النحاس ” و هي مادة كيميائية تنتج عن التفاعلات الواقعة داخل بيئة المنجم و كان لها الفضل في الحفاظ علي الجثة من التحلل و توقع أنها ستبدأ في التحلل بشكل طبيعي بمجرد تبخر الكبريتات من عليها و بالفعل ثبت صحة هذا التوقع مع مرور الوقت و لعل هذا التفسير العلمي قام بتقديم إفادة إيجابية علي كيفية تفاعل العوامل البيئية و الكيميائية مع الأجسام البشرية بشكل ساعد في إزالة بعض الغموض عن حالة ” ماتس المتحجر ” .

و رغم حسم العلم للجدل حول جثمان ” ماتس المتحجر ” إلا أن قصته أثارت خيال العديد من الأدباء و الفنانين الأوروبيين في القرون التالية حيث قام فلاسفة و كتّابًا مثل ” يوهان بيتر هيبل ” بكتابة قصة قصيرة عنه بعنوان ” لقاء غير متوقع ” كما قام الكاتب الرومانسي الشهير ” إيتا هوفمان ” بتأليف قصة بعنوان “مناجم فالون” إستنادًا إلي هذه الحادثة التي ألهمت بدورها الموسيقار ” ريتشارد فاجنر ” لوضع مقطوعات موسيقية حولها و هو ما جعل قصة ” ماتس المتحجر ” رمز للإلهام الأدبي و الفني و جزءًا لا يُنسى من التراث الثقافي الأوروبي .

مقبرة ماتس المتحجر

إقرأ أيضا : البئر المتحجر .. مكان سحري في إنجلترا تتحول فيه الأجسام إلي حجارة

و بعد الإنتهاء من فحصه ظل جثمان ” ماتس المتحجر ” معروضا للجميع و لم يتم دفنه إلا بعد ثلاثين عامًا من إكتشافه ثم نسيت قصته تماما و لم يتم فتح الحديث عنها مجددا إلا في ستينيات القرن التاسع عشر بعد أن تم العثور علي رفاته مأثناء تجديد أرضية كنيسة ستورا كوباربيرج و هو ما دفع القائمين علي المكان إلي إعادة عرضه مرة أخري داخل صندوق زجاجي حتي عام 1930 حيث تقرر بعدها دفنه نهائيًا في مقبرة الكنيسة إحترامًا لذكراه .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *