ماذا لو إمتلكت الكلاب القدرة علي أن تتحدث مع البشر بشكل مباشر و واضح و لا نشير هنا إلي تواصل محدود مثل نباح بسيط أو إيماءات جسدية بل عن قدرة فعلية علي نقل الرسائل و المعلومات الدقيقة ؟ قد يظن البعض أنه أمر خيالي إلا أن العديد من العلماء بدأوا بشكل جدي في السعي نحو تحقيقه من خلال إجراء أبحاث حول تقنيات تجعل الكلاب العاملين في المجالات الخدمية مثل إنقاذ الأرواح أو مساعدة ذوي الإحتياجات الخاصة لديهم القدرة علي التواصل مع البشر بطرق جديدة و متطورة لتعزيز قدرتهم علي أداء مهامهم بفعالية أكبر .
و يرجع سبب تركيز الأبحاث علي الكلاب بإعتبارهم أكثر الحيوانات التي تمتلك القدرة علي أن تتحدث مع البشر بشكل جيد بالإضافة إلي قيام العديد منها بأدوار هامة في مجالات متنوعة مثل الأمن و مكافحة الجرائم و المساعدة الطبية و البحث والإنقاذ و مع ذلك لا تزال قدرتها علي نقل المعلومات الدقيقة محدودة بسبب إعتمادها بشكل رئيسي علي الإشارات العامة كالنباح أو هز الذيل أو محاولة الإشارة نحو إتجاه معين و هو ما دفع العديد من العلماء في ” الولايات المتحدة ” و علي رأسهم الدكتورة ” ميلودي جاكسون ” المتخصصة في علوم الكمبيوتر بجامعة جورجيا للتكنولوجيا نحو تطوير تقنيات تمكن الكلاب من إرسال رسائل مباشرة و مفهومة للبشر مما يحسن من كفائتها و جعلها أكثر قدرة علي المساعدة .
و يعتبر من أهم إنجازات الدكتورة ” ميلودي ” في هذا المجال تطوير سترات خاصة تحتوي علي أنظمة تواصل إلكترونية مجهزة برافعات ميكانيكية تمكن الكلب من تشغيلها عندما يحتاج إلي مساعدة أو يريد توجيه رسالة معينة فعلى سبيل المثال في حالات الطوارئ يمكن للكلب إستخدام السترة لإرسال رسالة صوتية مثل ” أحتاج إلي مساعدتكم ” حيث هذا النوع من التواصل قد يكون حيويًا للكلاب العاملين في مجال الكشف عن المتفجرات أو التي تساعد الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة كما أنه بجانب أبحاث الدكتورة ” ميلودي ” يعمل عدد من العلماء بمختبر جامعة “Open University” في ” المملكة المتحدة ” علي تطوير أدوات تفاعلية تسهم في تحسين تواصل الكلاب مع البشر بتطويرهم جهازًا يمكن الكلاب من الكشف عن السرطان عن طريق حاسة الشم لديها ثم تتحدث مع البشر بنقل تلك المعلومات حول مستوي خطر الورم المكتشف كما أنهم يعملون علي تعديل بعض الأدوات المنزلية مثل مقابض الأبواب و المفاتيح الضوئية لتصبح سهلة الإستخدام للكلاب.
أقرأ أيضا : المذيع الإليكتروني خطوة نحو هيمنة الذكاء الصناعي بالمجال الإعلامي
و لا تقتصر الأبحاث علي الكلاب فحسب إذ أن هناك محاولات لتطوير تقنيات تفاعلية تمكّن الإنسان من التواصل مع أنواع أخرى من الحيوانات و علي رأسها الدلافين حيث تم تطوير أجهزة إستشعار خاصة لمراقبة حالتهم الصحية و تحديد نوع التواصل المناسب لها كما يتم تطوير ألعاب فيديو مشتركة تجمع بين القطط و أصحابها مما يتيح لهم قضاء وقت ممتع بطريقة تفاعلية و لكن رغم ما تحمله هذه الأبحاث من إمكانيات إلا أن هناك تحديات عديدة تواجه العلماء في الشأن من أبرزها صعوبة ترجمة إشارات الحيوانات إلي لغة بشرية مفهومة بسبب إختلاف طريقة التعبير و الإحتياجات بين الحيوانات و البشر كما أن تصنيع تقنيات مخصصة للحيوانات يعد أمر مكلفًا و معقدًا حيث يجب أن تكون الأدوات المستخدمة متينة بما يكفي لتحمل الإستخدام المتكرر و في نفس الوقت خفيفة و سهلة الإرتداء للحيوانات .