فى مكان ما من الزاوية الجنوبية الغربية النائية لمقاطعة سيتشوان الموجودة فى الصين تقع قرية يانجسي المكونة من مجتمع صغير يقيم فيه ما يقارب من 80 شخصا يحيط بهم الجبال و حقول الأرز و هي تشبه إلى حد كبير العديد من القرى المعزولة الأخرى المنتشرة في بقاع اخرى من العالم و هى مهمشة لدرجة أن معظم الناس قد يمرون بها دون التفكير فيها كثيرًا و مع ذلك إذا فكر شخصا فى أحد الأيام أن يقوم بزيارتها فسوف يتفاجئ بأن من يستقبله هم قرويون صغار الحجم يصل ارتفاعهم أطولهم الى 1.1 متر بينما أقصرهم لا يتجاوز نصف متر و الأغرب أن تلك الظاهرة لا تقتصر على مجرد شخصين أو حتى عائلتين و لكن ما يقرب من نصف القرويين فيها و لذلك السبب أطلق عليها اسم قرية الأقزام الذين يعيشون فيها بسلام و يقومون بعملهم الروتينى في الحقول و رعاية الصغار و كأن لا شيء غريب يحدث على الرغم من أنها حيرت العلماء لعقود .
و الغريب أن ” قرية الأقزام ” ظلت هى و أسرارها مخفية عن العالم لفترة طويلة على الرغم من أنه تم الإبلاغ عن العديد من مشاهد “الأشخاص الصغار” الغامضين من قبل المسافرين عبر تلك المنطقة منذ أواخر القرن التاسع عشر على الأقل لدرجة أن المؤمنين بالخرافات كانوا يعتقدون أنها قرية أسطورية و أن ربما القاطنين فيها كائنات هى خارقة للطبيعة الا أنه في عام 1947 قام العالم الإنجليزي الدكتور “كاريل روبن إيفانز” بمشاهدة مجموعة من عدة مئات من هؤلاء الأقزام مما أثار إهتمامه و في عام 1951 تم اكتشاف قرية “يانجسي” رسميًا من قبل العالم الخارجي و على الرغم من أنها لم تكن أرضًا غامضة و سحرية للأقزام كما كان يعتقد إلا أنها لا تزال قادرة على تقديم نصيبها من الألغاز و المفاجئات .
فمع دراسة تلك القرية و سكانها لوحظ أن حوالي نصف قاطنيها أظهروا توقفًا شديدًا عن النمو و يبدو أن هذا أمرا خاص بتلك القرية فقط حيث ولد جميع الأقزام بها و نشأوا فيها و يبدو أن معدل التقزم فى ذلك المكان يتجاوز بكثير المعدل الطبيعي و الذي يبلغ متوسطه عادة حوالي 1 من كل 20000 ولادة و أغرب جزء من ذلك كله هو أنه لا أحد يعرف السبب حيث لا تعاني أي من القرى المجاورة من نفس المشكلة مما يجعل من غير المحتمل أن يكون هذا تأثيرًا بيئيًا حتى أن العلماء اختبروا التربة على نطاق واسع بها و كذلك إمدادات المياه و الحبوب المزروعة لكنهم لم يجدوا شيئًا على الإطلاق خارج عن المألوف و لم يتم اكتشاف أي تفسير منطقي واحد لوجود مثل هذا المعدل المكثف من التقزم فى تلك القرية النائية و قد نجح ذلك حقيقة في إرباك المجتمع العلمي لعقود .
و في حين أن العلم لم يقدم إجابات بعد حول سبب تلك الظاهرة فيبدو أن القرويين أنفسهم مليئون بالنظريات حول سبب إصابتهم بهذه الطريقة حيث توجد إحدى القصص الشائعة التى تقول بأن هذا كان نتيجة تجارب سرية أو هجمات بالغاز السام نفذها اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية على الرغم من عدم وجود دليل مادي على ذلك نظرا الى أن “اليابان” لم تتمكن فعليا من غزو هذه المقاطعة , كما توجد نظرية أخرى هي أن ذلك يرجع إلى مرض غامض حيث يزعم شيوخ القرية أنها لم تكن أبدا على هذا النحو و أن كل شيء بدأ يومًا عندما أصابهم وباء لا يعرف مصدره مما تسبب ببساطة في توقف أطفالهم عن النمو في سن 5 إلى 7 سنوات تقريبًا فضلاً عن إظهار أشياء أخرى غير سارة من الآثار الجانبية مثل الطفح الجلدي و الصلع و مشاكل المفاصل و لكن بالفحص الدقيق فشلت الفحوصات الجسدية في إظهار أي علامة على مثل هذا المرض الوهمي .
و لعل أكثر الامور غرابة فى تلك التفسيرات هو اعتقاد عدد ليس بالقليل من القرويين الأكبر سنًا أنها لعنة فرضها عليهم أسلافهم الغاضبين منهم لعدم دفنهم بشكل صحيح و الأبعد من ذلك هو وجود حكاية شعبية رويت في القرية عن عثور أجدادهم على سلحفاة سوداء غامضة ذات أقدام غريبة و قاموا بالإستيلاء عليها و لسوء حظ السلحفاة المسكينة أن هؤلاء السكان كانوا في منتصف احدى المجاعات بذلك الوقت و بعد المناقشات بشأن السماح للسلحفاة الفريدة بالذهاب أو أكلها أنتصر الجوع فى النهاية و قاموا بقتلها و أكلها و وفقًا لهذه الأسطورة تمكنت السلحفاة السوداء السحرية من إلقاء لعنة على القرية بأنفاسها المحتضرة مما أدى إلى إصابتها بالتقزم و التشوه إلى الأبد و هو ما دفع العديد من القرويين لمغادرة المنطقة على مر السنين و حتى ساكنى القرى المجاورة كانوا يتحاشون الإقتراب منها لتجنب اللعنة .
أقرأ أيضا : سجن سان بيدرو أغرب سجون العالم حيث لا وجود للشرطة بداخله و يقوم السجناء بإدارة شئونه
و رغم كل الأفكار و القصص حول ” قرية الأقزام ” فإن السبب الحقيقي حتى اللحظة لا يزال مجهولا و ما جعل اللغز أكثر غموضًا أن الحكومة الصينية لا تشجع زيارات الغرباء إلى القرية لفحصها لذلك فتوجد صور قليلة جدا عنها و عن ساكنيها و مع ذلك مهما كان السبب في حدوث هذا التقزم فيبدو أنه بدأ في التلاشي في السنوات الأخيرة حيث أظهرت الأجيال الشابة حالات أقل من التقزم مما يعني أننا قد لا نعرف حقًا سبب ذلك مستقبلا اذا اختفت تلك الظاهرة و لكنها في الوقت الحالي هى حالة شاذة غريبة قد لا يتم حلها أبدًا .