قارة أسيا هي أكبر قارات العالم من حيث المساحة و أكثرها اكتظاظًا بالسكان و تشترك في حدودها مع قارتي أوروبا و أفريقيا من الغرب و أوقيانوسيا من الجنوب و أمريكا الشمالية من الشرق كما يشارك شمالها في تكوين جزء من القطب الشمالي بجانب أمريكا الشمالية و أوروبا و على الرغم من أن معظم حدودها القارية محددة بوضوح إلا أن هناك بعض من المناطق الرمادية نتيجة وقوع قارتي أوروبا و آسيا تقنيًا على نفس الكتلة الأرضية الإجمالية و هو السبب الذى يشار إلى الاثنين معًا باسم أوراسيا و نتيجة سهولة التنقل من خلال الحدود البرية للقارتين فتتم الإشارة أحيانًا إلى بعض البلدان الواقعة على الحدود الغربية لآسيا على أنها جزء من شرق أوروبا مثل دولتى أرمينيا و أذربيجان و جورجيا فأحيانا ينظر إليهم على أنهم دول أسيوية و أحيانا أوروبية كما تميل دولتي روسيا و تركيا إلى التقسيم لمناطق حيث تنقسم روسيا بشكل عام على طول جبال الأورال و يكون نصفها الغربي “روسيا الأوروبية” و شرقها “روسيا” أما بالنسبة الى تركيا فيشار إلى الأرض الواقعة بين أكبر مدينة في تركيا و هى اسطنبول و حدودها المباشرة مع بلغاريا و اليونان على أنها جزء من أوروبا بينما يُطلق على باقي أراضيها اسم الأناضول التى تعتبر جزء من قارة أسيا .
و على الجانب الآخر من القارة قد يكون من الصعب أيضًا تحديد الجزر التي تفصل بين آسيا و أوقيانوسيا حيث يتم تصنيف “إندونيسيا” و أجزاء من “الفلبين” في بعض الأحيان على أنها جزء من أوقيانوسيا و ليس أسيا و مع ذلك من المهم ملاحظة أن هذه المناطق المقسمة لا تشكل دولًا منفصلة أو مناطق حكم ذاتي تدعي السيادة (مثل حالة هونج كونج ) ففى حالة “روسيا الأوروبية” و “روسيا” كلاهما مجرد دولة واحدة و هى “روسيا الفيدرالية ” و لكن في بعض الأحيان يتم تظليل المناطق بشكل مختلف على الخرائط من أجل المساعدة في ترسيم الحدود بين آسيا و أوروبا .
و تبلغ المساحة الإجمالية لأسيا ما يقرب من 44.6 مليون كيلومتر مربع و هى بمثابة 30٪ من إجمالي مساحة كوكب الأرض و تعتبر ” روسيا ” هى أكبر دولها تليها “الصين” ثم “الهند” و بعدها “كازاخستان” بينما أصغر دول قارة أسيا هي “جزر المالديف” و “سنغافورة” و “البحرين” و “بروناي” .
و تقسم قارة أسيا الى عدة مناطق حيث تقع فى “غرب أسيا” دول “أفغانستان و البحرين و إيران و العراق و فلسطين و الأردن و الكويت و لبنان و عمان و قطر و المملكة العربية السعودية و سوريا و تركيا و الإمارات العربية المتحدة و اليمن” بينما تقع منطقة “القوقاز” شمال شرق تركيا و هي منطقة جبلية محصورة بين البحر الأسود من الغرب و بحر قزوين من الشرق و تشمل دول “أرمينيا و أذربيجان و جورجيا و أجزاء من روسيا” أما منطقة ” أسيا الوسطى ” فتقع شمال إيران و أفغانستان و جنوب روسيا و تتألف من “كازاخستان و قيرغيزستان و طاجيكستان و تركمانستان و أوزبكستان” أما منطقة “شرق آسيا” فهى الواقعة بين أسيا الوسطى و روسيا و المحيط الهادئ تقريبًا حتى بداية مدار السرطان و تشمل “الصين و اليابان و كوريا الشمالية و كوريا الجنوبية و منغوليا (بالإضافة إلى هونغ كونغ و ماكاو و تايوان)” و يشار إلى منطقة “جنوب آسيا” باسم شبه القارة الهندية و هى مفصولة عن شرق آسيا بجبال الهيمالايا بين الصين و الهند و يتم تحديدها إلى حد كبير من خلال الصفيحة التكتونية الهندية التي ترتكز عليها بلدانها إلى حد كبير و تشمل دول “بنجلاديش و بوتان و الهند و جزر المالديف و نيبال و باكستان و سريلانكا” و أخيرًا منطقة “جنوب شرق آسيا” الواقعة بين جنوب و شرق آسيا من ناحية الشمال و أوقيانوسيا إلى الجنوب و تشمل دول “بروناي و كمبوديا و إندونيسيا و لاوس و ماليزيا و ميانمار (أو بورما) و الفلبين و سنغافورة و تايلاند و تيمور الشرقية و فيتنام” .
و توجد داخل قارة أسيا العديد من الدول غير المعترف بها أو المعترف بها جزئيًا مثل “أبخازيا و ناجورنو كاراباخ و أوسيتيا الجنوبية” في القوقاز و أعلنت جميعها استقلالها خلال التسعينيات مع اعتراف دولي محدود اضافة الى “شمال قبرص” التى أعلنت استقلالها عام 1983 و لكن لم يتم الاعتراف بها كدولة ذات سيادة داخل الأمم المتحدة الا من قبل تركيا فقط كما تعتبر “الصين” مدن مثل “هونج كونج و ماكاو و تايوان” جزءًا من أراضيها رغم أن كل منهم يرى نفسه إما مستقل تمامًا (في حالة تايوان) أو شبه مستقل (في حالتي هونج كونج و ماكاو) حيث يعملون بشكل مستقل إلى حد كبير من ناحية العملة و الحكومة و لديهم درجات متفاوتة من الاعتراف الدولي كدول منفصلة كما تقوم “تايوان” بتمثيل نفسها فى المحافل الدولية تحت أسماء مختلفة فهي لديها اسم رسمي و هو “جمهورية الصين” مستشهدة بالدولة التي حكمت البر الرئيسي حتى الحرب الأهلية الصينية و قبل استيلاء الحزب الشيوعي على السلطة اما “جمهورية الصين الشعبية” فهى تطلق عليها اسم “تايبيه الصينية” بينما تتعامل معها دول العالم تحت مسمى “تايوان” .
قارة أسيا جغرافيا
نتيجة حجم قارة أسيا الهائل فهو يفسح المجال لمجموعة متنوعة من الظواهر الطبيعية و الجغرافية المختلفة اعتمادًا على مناطقها حيث تتمتع غرب آسيا بأعلى درجات حرارة على كوكب الأرض نتيجة مناخها الصحراوي الدافئ حيث سجلت أجزاء من العراق و إيران درجات حرارة أكثر من 71 درجة مئوية و على العكس من ذلك تعد قارة أسيا أيضًا موطنًا لأبرد طقس في العالم المأهول بالسكان حيث تم تسجيل -67.7 درجة مئوية في مدينتين روسيتين و هم “فيرخويانسك” و “أوياكون” كما يتميز النصف الشمالي من “روسيا” بمناخ قاري شبه قطبي مشابه لولاية ” ألاسكا ” فى “الولايات المتحدة” و جزء كبير من “كندا” و يصنف أقصى شماله على أنه تندرا قطبية و التى يمكن مقارنتها بأقصى شمال الأراضي الكندية أو سواحل “جرينلاند” .
كما يمكن العثور داخل قارة أسيا على كلا الحدين المتطرفين في هطول الأمطار حيث تقع بعض الأماكن الأكثر جفافاً على وجه الأرض في المناخات الصحراوية لغرب آسيا و سهولها الوسطى و أجزاء من “الصين” و “منغوليا” و في الوقت نفسه تعد قرية “ماوسينرام ” الهندية الشمالية الشرقية من أكثر الأماكن رطوبة على وجه الأرض بمتوسط 11872 ملم من الأمطار سنويًا و تتمتع منطقة جنوب آسيا بمزيج من طقس الرياح الموسمية الذي يفسح المجال للامطار الغزيرة جنبًا إلى جنب مع السافانا الاستوائية ذات الحرارة الشديدة كما تتسبب أنماط المناخ التي تشمل المحيطين الهندي و الهادئ في جعل معظم شرق قارة أسيا يتمتع بطقس معتدل مع موسم رياح موسمية غزيرة لا سيما في شرق “الصين و هونج كونج و ماكاو و تايوان و كوريا الجنوبية و معظم جنوب اليابان” كما تتمتع معظم مناطق جنوب شرق آسيا القارية بمناخ السافانا المشابه لبعض الأجزاء الأكثر جفافاً في جنوب آسيا بينما تتميز أجزاء الجزر الواقعة بين آسيا و أوقيانوسيا بغاباتها الاستوائية المطيرة .
و تعد الصحاري السورية و العربية في غرب آسيا من بين أكبر الصحاري في العالم و كذلك صحراء جوبي بين “الصين” و “منغوليا” في آسيا الوسطى و من الجدير بالذكر أيضًا أن العديد من الظواهر الطبيعية الضخمة التى تزخر بها القارة هى السبب وراء أنماط الطقس المختلفة في آسيا فنتيجة ارتفاع “جبال الهيمالايا” على سبيل المثال فيعمل ذلك على حجب سحب الأمطار القادمة من المحيط الهندي و يدفعها مرة أخرى إلى شبه القارة الهندية مع منع الهواء البارد الشمالي في الوقت نفسه من السفر إلى أقصى الجنوب و هو ما ينتج عنه طقسًا موسميًا حارًا في جنوب آسيا و الصحاري الباردة و سهوب آسيا الوسطى .
تاريخ قارة أسيا
نظرًا لحجمها الهائل و تنوع سكانها يكاد يكون من المستحيل تقديم تاريخ موحد للقارة التى تعتبر مهد جميع الأديان الرئيسية تقريبًا في العالم فضلاً عن عدد كبير من التطورات التكنولوجية و الحضارية حيث يُطلق على غرب آسيا اسم “مهد الحضارة” و التى فيها بدأ البشر فى التحول من العصر الحجري الحديث الى نمط حياة بدوي ثم نمط الحياة المستقر و هم من اخترعوا العجلة و أساليب الزراعة الأساسية كما كانت منطقة غرب آسيا أيضًا موطنًا لأول الحضارات البشرية المعروفة مثل سومر القديمة و الإمبراطوريات الآشورية و البابلية و الأكادية القديمة كما تشكلت أيضا حضارة وادي السند التى كانت أول حضارة معروفة في جنوب آسيا أما فى الشرق فقد تكونت أسرة شيا التى كانت أول حضارة مسجلة للصين القديمة.
التركيبة السكانية
يبلغ عدد سكان قارة أسيا حوالي 4.4 مليار نسمة أى ما يعادل 62٪ من تعداد سكان العالم البالغ عددهم 7.1 مليار و هى بذلك تعد إلى حد بعيد القارة الأكثر اكتظاظًا بالسكان على هذا الكوكب و تأتى الصين فى المرتبة الأولى (1.4 مليار شخص) تليها الهند (1.3 مليار شخص) ثم إندونيسيا (259 مليون شخص) و بعدها باكستان (193 مليون شخص) بينما الدول الأقل كثافة سكانية هي جزر المالديف (341 ألف نسمة) و بروناي (412 ألف نسمة) و بوتان (771 ألف نسمة) و تيمور الشرقية (1.2 مليون نسمة) .
و تنتشر العديد من الديانات المختلفة على نطاق واسع في جميع أنحاء قارة أسيا حيث يأتى الإسلام فى المرتبة الأولي بحوالي 1.1 مليار شخص و هو ما يمثل 25 ٪ تقريبا مما يجعله الدين الأكثر انتشارا خاصة في غربها و يعتبر الدين الرسمي الوحيد للعديد من البلدان و يمارسه ما يقرب من 100٪ من سكان دول مثل “الكويت” و “المملكة العربية السعودية” و مع ذلك يعيش معظم المسلمين في الواقع جنوب و جنوب شرق آسيا حيث يبلغ عدد المسلمين في “بنجلاديش و الهند و باكستان” أكثر من 100 مليون مسلم في حين أن دولة “إندونيسيا” الواقعة في جنوب شرق آسيا بها عدد من المؤمنين بالإسلام أكثر من أي دولة أخرى أما الهندوسية فهي ثاني أكبر ديانة و تتبع الإسلام بشكل وثيق مع ما يقرب من مليار معتنق و هي الأكثر انتشارا في “الهند” و “نيبال” (حيث يتبعها أكثر من 80 ٪ من السكان) كما يوجد لها أقليات قوية في العديد من دول جنوب شرق و غرب آسيا اضافة الى المسيحية الارثوذكسية المنتشرة في “أرمينيا و جورجيا و روسيا” اما “تيمور الشرقية” و “الفلبين” فيبتبعون المذهب الكاثوليكى بينما “كوريا الجنوبية” تتبع إلى حد كبير البروتستانتية كما تشمل الديانات الأخرى البارزة في آسيا السيخية و اليانية التي توجد بالغالب في “الهند” و “باكستان” و اليهودية و الزرادشتية التى كانت أول ديانة إيرانية و لا تزال تمارس في أجزاء من “إيران” الحديثة و دول أخرى .
و بعد ديانتي الإسلام و الهندوسية تعتبر اللادينية من الناحية الفنية ثالث أوسع “دين” انتشارا في آسيا مع ما يقرب من 21 ٪ من سكان القارة و الذين لا يوجد لديهم أي انتماء ديني معين خاصة في “الصين و هونج كونج و اليابان و كوريا الشمالية” و يمكن تفسير هذه الحقيقة جزئيًا من خلال سياسات الدولة الشيوعية في “الصين و كوريا الشمالية ” و أيضًا من خلال طبيعة الأديان السائدة تقليديًا في شرق آسيا مثل الكونفوشيوسية و الطاوية التى هى أقرب إلى التقاليد الفلسفية عن الأديان المنظمة التي تمارس في المجتمعات الأخرى بينما يتضمن نظام معتقدات الشنتو اليابانية مجموعة غير موحدة نسبيًا من التقاليد الدينية و الحكايات الفولكلورية .
و بجانب الأديان تعتبر قارة أسيا هي موطن لعدد مذهل من اللغات التي تتراوح ما بين اللغات المحلية التي يتحدث بها عدد قليل من السكان إلى اللغات الدولية المستخدمة في مناطق بأكملها و فيما يتعلق باللغات الدولية فإن اللغة الأكثر انتشارًا في القارة هي لغة الماندرين التي يتحدث بها 1.3 مليار شخص و هي لغة رسمية في “الصين و سنغافورة و تايوان” كما تعبر اللغة الروسية أيضًا واحدة من اللغات الأكثر إنتشارا كونها اللغة الرسمية فى “روسيا و كازاخستان و قيرغيزستان ” بما يقرب من 260 مليون متحدث ثم تأتى اللغة العربية فى المركز الثالث و المعترف بها على أنها لغة رسمية في معظم دول غرب آسيا و يتحدث بها حوالي 230 مليون شخص و من الجدير بالذكر أيضًا أن اللغة الإنجليزية تحظى بشعبية دولية في جميع أنحاء آسيا على الرغم من أنها لا تحتوي على العديد من المتحدثين الأصليين المعترف بهم إلا أنها معترف بها كلغة رسمية أو إقليمية في “هونج كونج و الهند و باكستان و الفلبين و سنغافورة” .
و بالنسبة للغات التي تتركز حول بلدان محددة فإن اللغة الهندية و هي الوطنية للهند تأتى فى المرتبة الأولى و يتحدث بها ما يقرب من 400 مليون شخص داخل الدولة كما تشمل اللغات الوطنية الأخرى المكتظة بالسكان الإندونيسية (240 مليون متحدث) و البنغالية (150 مليون متحدث) و اليابانية (120 مليون متحدث) و الفلبينية (90 مليون متحدث) .