يعتبر شعار الإتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا ) الذى يرفعه قبل بداية كل مباراة هو (لعبتى هى اللعب النظيف) و على أساسه من المفترض نظريا ان تقام المباريات فى ظروف حيادية تضمن نزاهتها ليفوز بها من يستحق إلا أنه بات من الواضح من تاريخ لعبة كرة القدم أن العديد من الأندية و المنتخبات لا تقتنع بذلك الشعار و تحاول بشتي السبل التحايل على مفهومه من خلال طرق ملتوية لتحقيق أغراضها و تعتبر فضيحة خيخون التى حدثت عام 1982 فى بطولة كأس العالم التى نظمت فعالياتها فى أسبانيا أشهر مثال على ذلك بعد أن تواطئ منتخبي ألمانيا الغربية و النمسا فى مباراتهم من أجل إخراج الجزائر من البطولة و تسببت مع مباريات أخرى فى تعديل عدد من قوانين اللعبة التى تقضى بأن يتم لعب المباراتين الأخيرتين في كل مجموعة في وقت واحد بشكل يجعل من الصعب للغاية على الفرق المشاركة التلاعب بنتائج المباريات لأن الفرق لن تعرف النتيجة المطلوبة في وقت مبكر .
ترجع خلفية فضيحة خيخون مع إنطلاق مشوار “الجزائر” فى بطولة كأس العالم الذى بدأته بتحقيق فوز مفاجئ بنتيجة 2-1 على منتخب “ألمانيا الغربية” حاملة اللقب في مباراة الافتتاح و هى نتيجة وصفتها الصحافة بأكبر مفاجأة في كأس العالم منذ فوز “كوريا الشمالية” على “إيطاليا” عام 1966 و أضافت أنها واحدة من أكبر الصدمات في تاريخ البطولة و بذلك تصبح “الجزائر” أول فريق عربي و أفريقي يهزم فريقًا أوروبيًا في كأس العالم ثم بعد ذلك خسرت أمام “النمسا” بنتيجة 0–2 قبل أن يعودوا مجددا للتألق و يفوزون على “تشيلي” 3-2 في مباراتهم النهائية و بتلك النتائج دخلت “الجزائر” التاريخ كأول منتخب أفريقي و عربي يفوز مرتين في كأس العالم .
و نظرا لأن مباراة الجزائر و تشيلي قد أجريت في اليوم السابق لمباراة “ألمانيا الغربية” مع “النمسا” فقد عرف الفريقان النتيجة التي يحتاجوها من أجل التأهل إلى الدور التالي حيث كانت الإحتمالات تقول أن أي فوز لألمانيا الغربية بهدف أو هدفين سيشهد تأهل كل من “ألمانيا الغربية” و “النمسا” إلى الدور الثاني بناءً على فارق الأهداف أما فى حال فوز “ألمانيا الغربية” بأربعة أهداف أو أكثر سيشهد تأهلها برفقة “الجزائر” اما فى حالة فوز “ألمانيا الغربية” بثلاثة أهداف بالضبط من شأنه أن تحتكم “الجزائر” و “النمسا” الى عدد أهدافهم المسجلة من أجل التأهل حيث ستحتاج “النمسا” وقتها إلى تسجيل هدفين على الأقل في حالة الخسارة أمام الألمان للتقدم في ذلك السيناريو أما فى حالة خسارة “ألمانيا الغربية” أو التعادل فذلك معناه إقصائها تماما من البطولة .
و بدأت المباراة بين الفريقين التى عرفت لاحقا بفضيحة خيخون و بعد مرور عشر دقائق من أحداثها نجحت “ألمانيا الغربية” في إحراز هدف عن طريق اللاعب “هورست هروبش” بعد عرضية من الجهة اليسرى و بعد تسجيله مباشرة أصبح اللعب سلبي بشكل كبير و ينحصر فى نصف الملعب أو من خلال تمرير الكرة إلى حارس المرمى أو لعب الكرات الطويلة و المعزولة في نصف ملعب الخصم مع القليل من التدخلات و حتى محاولات التسديد كانت خاطئة بشكل واضح و تفتقر الى الدقة و كان لا يوجد لاعبين يتخذون المباراة بجدية كافية سوى لاعب واحد فقط فى منتخب ” النمسا ” و هو “والتر شاشنر” و كان يتضح من خلال أحداثها أنه يبذل جهدا كبيرا خلال اللعب و فى المقابل كان هناك واحدة من المحاولات القليلة الجادة على الشبكة قام بها “فولفجانج دريملر” لاعب “ألمانيا الغربية” .
و طوال مباراة فضيحة خيخون كان كلا المنتخبين يقدمون أداء مخزيا نال إنتقادات على نطاق واسع من قبل جميع المراقبين من بينهم المعلق الألماني الغربي “إيبرهارد ستانجيك” الذى رفض في وقت ما التعليق على باقى أحداث المباراة كما تحسر المعلق النمساوي “روبرت سيجر” على المشهد وطلب من المشاهدين إطفاء أجهزة التلفزيون الخاصة بهم كما صرح “جورج فيسي” الصحفي الرياضي فى “نيويورك تايمز” أن المنتخبات بدت و كأنها تعمل بشكل جماعي و متفق عليه رغم صعوبة إثبات ذلك و قامت صحيفة ” إل كوميرسيو ” الإسبانية بطباعة تقرير المباراة في قسم الحوادث أما بالنسبة الى الجماهير فى المدرجات فقد أبدوا اشمئزازهم من اللاعبين حيث هتف الجمهور الأسباني “الى الخارج .. الى لاخارج!” و “الجزائر … الجزائر!” بينما قام المشجعين الجزائريين الذين حضروا المباراة فى المدرجات بالتلويح بالأوراق النقدية للاعبين و وصلت درجة الإنتقادات الى أن تكون من قبل مشجعي “ألمانيا الغربية و النمسا” أنفسهم لدرجة قيام أحد المشجعين الألمان بإحراق العلم الوطني احتجاجًا على ذلك حيث كان جمهور كلا المنتخبين يأملون في إعادة مباراة ساخنة أقيمت في البطولة السابقة بينهم و التي سميت “معجزة قرطبة” و فازت فيها “النمسا” على “ألمانيا الغربية”.
و بفوز “ألمانيا الغربية” 1-0 بمباراة فضيحة خيخون انضمت إلى “النمسا” و “الجزائر” بأربع نقاط من ثلاث مباريات و نظرا لفارق الأهداف تأهلت كلا من “ألمانيا الغربية” و “النمسا” إلى الدور التالي من البطولة على حساب “الجزائر” و أدى التلاعب بنتائج المباريات إلى تخلي “النمسا” عن فرصتها لتكون أول المجموعة (بالفوز أو بالتعادل) في مقابل الحصول على فرصة مؤكدة للتقدم و بإحتلالها المركز الثاني في المجموعة كان لزاما عليها تخطى “فرنسا” و “أيرلندا الشمالية” فى الوقت الذى كان خصوم “ألمانيا الغربية” هم “إسبانيا” و “إنجلترا” و بعد رجوع المنتخب الألماني الى فندقه قابلهم المتفرجين الغاضبين بإلقاء البيض و المقذوفات عليهم و قدم مسؤولو الكرة الجزائرية احتجاجا رسميا و رأى رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم أنذاك أن الحكم “بوب فالنتين” كان يجب أن يتدخل و أن فشله في القيام بذلك يستحق الشكوى و مع ذلك أعتبر الفيفا أنه لم يتم كسر أي قواعد خلال المباراة و رفض اتخاذ أي إجراء خاصة مع نفى كلا الفريقين حدوث أي تواطؤ من قبلهم الا أن العدالة الإلهية ظهرت لاحقا حيث وصل الألمان الغربيين إلى النهائي و خسروا أمام “إيطاليا” بنتيجة 3-1 بينما سقطت “النمسا” في الدور التالي أمام “فرنسا” التي احتلت المركز الرابع .
أقرأ أيضا : قصة مباراة كانت شرارة حرب شامله بين بلدين أستمرت لأربعة أيام
و بعد ما يقرب من 25 عامًا على تنظيم كأس العالم في “إسبانيا” اعترف اللاعب الألماني السابق “هانز بيتر بريجل” بأن فريقه رتب للفوز على النمسا (1-0) في المرحلة الأولى و التي من خلالها صعد المنتخبين و قضوا على أمال المنتخب الأفريقي ففي مقابلة مع صحيفة “الاتحاد” الإماراتية أكد “بريجل” الشبهات التى حامت حول تلك المباراة التى أقيمت يوم 25 يونيو 1982 في ملعب إل مولينون حيث قال مدافع فريق كايزرسلاوترن السابق و البالغ من العمر 51 عامًا حينها “نعم … أعتذر عن ذلك”.