لطالما كانت الطبيعة مصدر إلهام للبشر لإحتوائها علي كائنات و نباتات فريدة من نوعها تجسد عظمة و جمال إبداع الخالق و من بين تلك النباتات المتميزة و المثيرة لإهتمام الكثيرين زهرة يطلق عليها إسم أوركيد القرد التي تُعد واحدة من أعجب الزهور في العالم و أغربها علي الإطلاق بسبب إتخاذها ملامح دقيقة تشبه أوجه القرود لتظهر وسط بيئتها علي هيئة قطعة فنية طبيعية نادرة تزين الغابات الإستوائية الموجودة في البيئات الجبلية المرتفعة حيث الطقس البارد و الرطوبة العالية .
و تعرف زهرة أوركيد القرد علميًا بإسم Dracula simia و هي واحدة من الزهور النادرة التي تنتمي إلي فصيلة الأوركيديات الشهيرة و تتميز بألوانها المتنوعة التي تعطيها جاذبية فريدة و تنمو بالغابات الجبلية الباردة و الرطبة في أمريكا الجنوبية خاصة في مناطق الإكوادور و شمال بيرو حيث تفضل زهرة أوركيد القرد النمو علي إرتفاعات عالية تتراوح ما بين 1000 إلي 2000 متر فوق سطح البحر حيث الرطوبة العالية و درجات الحرارة المنخفضة و هو ما يجعل مشاهدتها في البرية تجربة نادرة و مميزة بسبب أنه لا يمكن العثور عليها بسهولة في أي بيئة سوي تلك التي تحاكي جبال الإكوادور الباردة .
و يرجع سبب إطلاق الإسم العلمي Dracula simia علي زهرة أوركيد القرد إلي ملامحها حيث تشير كلمة “Dracula” باللاتينية إلي “التنين الصغير” و “simia” إلي القرد و ذلك بسبب ترتيب بتلاتها الطويلة الممتدة التي تشبه الأذنين في شكلها و أجزائها الداخلية التي تتجمع في المنتصف مع وجود شعر ناعم و خطوط دقيقة علي تلك البتلات و هو ما يضفي علي شكلها ملامح وجه قرد مبتسم بشكل دقيق و واضح و علي الرغم من صغر حجمها إلا أنها ملفتة للنظر نتيجة تعدد ألوان بتلاتها التي تتدرج من البرتقالي إلي الأحمر الداكن مع بعض اللمسات البنية و هو ما يعطيها مشهد جذاب يضفي لمسة من الحيوية و التفرّد .
و تنمو زهرة أوركيد القرد ببطء و تستغرق سنوات للوصول إلي مرحلة الإزهار و تعتبر دورة حياتها طويلة نسبيًا مقارنةً ببعض أنواع الأوركيد الأخرى حيث تبدأ حياتها كنبتة صغيرة في التربة الغنية بالمغذيات الموجودة في الغابات كما أنها تفضل أن تنمو تحت ظلال الأشجار الكثيفة لتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس و تحتاج هذه الزهرة إلي بيئة باردة و رطبة حيث تكون درجات الحرارة معتدلة خلال النهار و تزداد برودةً في الليل و هو ما يُعزز من نموها بشكل صحي و طبيعي .
و لا ينظر إلي أوركيد القرد كمجرد نبتة فقط بل تعتبر رمزًا للجمال الغريب و النادر لذلك أصبحت محط أنظار عشاق النباتات و المصورين حول العالم بفضل مظهرها الفريد كما تعتبر في بعض الثقافات رمز للمرونة و التكيف في البيئات القاسية و تُعرض أحيانًا في حدائق النباتات النادرة كأحد أجمل النباتات المزهرة في العالم بالإضافة إلي مساهمتها بشكل غير مباشر في تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ علي البيئة و الحياة النباتية حيث تعكس مدى جمال و تنوع النظام البيئي في المناطق الاستوائية المرتفعة .
أقرأ أيضا : تعرف علي شجرة المانشنيل أكثر الأشجار السامة علي وجه الأرض
و للإعتناء بزهرة أوركيد القرد فيتطلب ذلك إهتماما خاصا نظرا لأنها ليست نبتة سهلة النمو لذلك فهناك بعض العوامل التي يجب مراعاتها لضمان صحتها و التي تكون كالتالي :
- الضوء : تحب زهرة أوركيد القرد Monkey Orchid الضوء غير المباشر لذلك يُفضل زراعتها في مكان مظلل جزئيًا حيث تشرق عليها الشمس لفترة قصيرة فقط .
- درجة الحرارة : تحتاج الزهرة إلي درجات حرارة باردة نسبيًا تتراوح بين 12 و 20 درجة مئوية مع تفضيل البرودة الليلية التي تشبه بيئتها الطبيعية .
- الرطوبة : تحتاج زهرة أوركيد القرد مستوى عالٍ من الرطوبة لا يقل عن 70% لذا يُنصح بزراعتها في البيوت الزجاجية الرطبة أو إستخدام أجهزة ترطيب الهواء عند زراعتها في المنازل .
- التربة و الصرف : يجب أن تكون التربة غنية بالمغذيات مع تصريف جيد للمياه للحفاظ علي رطوبتها دون التسبب في تعفن الجذور.
- التهوية : تحتاج الزهرة إلي تهوية جيدة لتجنب العفن الفطري الذي قد يتسبب في إتلافها.