في يوم 11 أغسطس عام 2014 صدم محبي السينما العالمية بخبر وفاة الفنان الكوميدي الموهوب و الحائز علي جائزة الأوسكار روبن ويليامز عن عمر يناهز 63 عاما بعد العثور عليه منتحرا داخل منزله شنقا بحزام حول رقبته مع وجود جروح في معصمه الأيسر و أشارت التحقيقات إلي عدم وجود أي شبهة جنائية و بأنه رغم قضاء حياته كلها تقريبًا في إضحاك الناس و إكتسابه الإحترام بين أقرانه و إمتلاكه لقاعدة جماهيرية كبيرة إلا أنه عاني من إدمان الكحول و المخدرات في وقت مبكر من حياته المهنية كما عاني لاحقا من مشاكل جسدية و نفسية و لكن رغم تلك الظروف الصعبة التي مر بها و أعلن عنها إلا أن وفاة روبن ويليامز المفاجئة أذهلت العديد من أفراد عائلته و أصدقائه و معجبيه الذين كانوا في حاجة للحصول علي إجابات لأسئلة تتعلق بأسباب و كيفية وفاته .
ولد ” روبن ويليامز ” في ” الولايات المتحدة ” بمدينة ” شيكاغو ” التابعة لولاية إلينوي في 21 يوليو عام 1951 و كان نجل عارض أزياء سابق و مدير تنفيذي لشركة فورد للسيارات و منذ طفولته كان حريصًا علي الترفيه لكل من حوله سواء كانوا من أفراد الأسرة أو زملاء الدراسة حيث كان يريد الممثل الكوميدي المستقبلي ببساطة أن يجعل الجميع يضحكون و حين أصبح مراهقًا إنتقلت عائلته إلي ولاية ” كاليفورنيا ” و إلتحق فيها بكليات كليرمونت و مارين قبل أن ينتقل لفترة وجيزة إلي مدينة ” نيويورك ” للإلتحاق بمدرسة ” جويليارد ” و بعدها عاد ” روبن ويليامز ” إلي ” كاليفورنيا ” ليبدء في تجربة حظه في عالم الكوميديا و أنشأ عرضًا كوميديًا شعبيًا في السبعينيات بالتزامن مع بدأ ظهوره في العديد من البرامج التلفزيونية .
و بحلول عام 1980 ظهر ” روبن ويليامز ” لأول مرة علي الشاشة الكبيرة في فيلم ” باباي Popeye ” و جسد فيه تلك الشخصية المميزة ثم قام ببطولة عدد من الأفلام الناجحة الأخري منها Good Morning Vietnam و Dead Poets Society و طوال الوقت إستمر في إبهار الناس بمهاراته الكوميدية و لعقود من الزمن أضاء ” روبن ويليامز ” الشاشة الكبيرة بإبتسامته لكنه في الكواليس كان يمر طوال فترة السبعينيات و الثمانينيات بعدد من المشاكل بعد إدمانه للكوكايين إلا أنه أقلع عنها بعد وفاة صديقه ” جون بيلوشي ” نتيجة جرعة زائدة بعد الإحتفال معه في الليلة السابقة و لكن رغم إبتعاده عن الكوكايين إلا أنه بدأ يشرب الخمر بكثرة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي و العشرين و هو ما أدي إلي قضاءه بعض من الوقت في مركز إعادة تأهيل و خلال تلك الفترة أيضًا عاني من الإكتئاب إلا أنه تعافي منهم في النهاية .
و بحلول أوائل عام 2010 بدا و كأن أحلك أيام ” روبن ويليامز ” قد ولت و لكن بعد ذلك في عام 2014 و قبل ثلاثة أشهر من وفاته تلقي تشخيصًا مفجعًا من طبيبه و هو إصابته بمرض باركنسون و قام بمشاركة الخبر مع زوجته ” سوزان شنايدر ويليامز ” و أبنائه الثلاثة (من زواجيه السابقين) لكنه أخفاه عن جمهوره و في تلك الأثناء كان يعاني من صعوبة فهم سبب شعوره بجنون العظمة و القلق و الإكتئاب خاصة و أنه لم يشعر أن تشخيص إصابته بمرض باركنسون يشرح هذه المشكلات بشكل كافٍ لذلك خطط هو و زوجته للذهاب إلي منشأة إختبار للإدراك العصبي لمعرفة عما إذا كان مصاب بأمر أخر لكن من المؤسف أنه لم يصل إلى هناك أبداً ففي الليلة التي سبقت وفاته بدا ” روبن ويليامز ” و كأنه في مزاج سلمي و كما أوضحت ” سوزان شنايدر ويليامز ” لاحقاً أنه كان مشغولاً بجهاز أيباد و كانت آخر مرة تري فيها زوجها على قيد الحياة في تمام الساعة 10:30 مساءً قبل أن تتركه و تنام مباشرة و كانت آخر كلماته لها في تلك الليلة: “تصبحين على خير يا حبيبتي… تصبحين على خير .. تصبحين على خير” و في مرحلة ما بعد ذلك إنتقل إلي غرفة نوم أخرى في المنزل و التي لفظ فيها أنفاسه الأخيرة .
و في يوم 11 أغسطس عام 2014 توفي ” روبن ويليامز ” بعد أن عثر عليه مساعده الشخصي في الساعة 11:45 صباحًا عقب مغادرة زوجته المنزل معتقدة أن زوجها كان نائمًا لكن مساعده قرر فتح باب غرفته و كان من الواضح أنه مات منتحرًا حيث تم إكتشافه و هو جالس علي الأرض و قد استخدم حزامًا لشنق نفسه مع ربط أحد طرفيه حول رقبته و الطرف الآخر مثبت بين باب خزانة و إطار باب في غرفة النوم و لاحظ المحققين في وقت لاحق وجود جروح سطحية في معصمه الأيسر و علي جهاز الأيباد الخاص به موجود علي كرسي قريب منه و لم يكن يحتوي علي أي معلومات تتعلق بالإنتحار أو التفكير فيه بالإضافة إلي نوعين مختلفين من مضادات الإكتئاب و سكين جيب عليه دماءه و الذي يبدو أنه استخدمها لجرح معصمه و نظرًا لأنه كان قد رحل عن دنيانا فلم يتم بذل أي جهد لإنقاذه و أعلن عن وفاته في تمام الساعة 12:02 ظهرًا و لم تكن هناك علامات علي وجود جريمة في مكان الحادث و كانت الأدوية الوحيدة التي عثر عليها في دمائه هي الكافيين و مضادات الإكتئاب الموصوفة و ” الليفودوبا ” و هو دواء يستخدم لعلاج مرض باركنسون و أكد تشريح الجثة النهائي أن سبب وفاة ” روبن ويليامز ” هو الإختناق نتيجة شنق نفسه .
و أصيب أحباء ” روبين ويليامز ” بالصدمة لوفاته و أصدر مدير أعماله بيانًا قال فيه إنه كان يعاني من “الإكتئاب الشديد” في الآونة الأخيرة لذا إفترض الكثيرين أن هذا هو السبب الرئيسي وراء إنتحاره لكن تشريح جثته كشف عن السبب الحقيقي لمعاناته فكما تبين فيما بعد أنه تم تشخيص إصابته بمرض باركنسون بشكل خاطئ نظرا لأنه كان يعاني من مرض مختلف و الذي لا يزال يساء فهمه إلى حد كبير حتى يومنا هذا و هو خرف أجسام ليوي و هو مرض دماغي مدمر و منهك يشترك في خصائصه مع مرض باركنسون و الزهايمر حيث تشير “أجسام ليوي” إلي كتل غير طبيعية من البروتين الذي يتسلل و يتجمع في خلايا دماغ المريض و يُعتقد أن هذه الكتل مسؤولة عن ما يصل إلي 15 بالمائة من جميع حالات الخرف و تؤثر بشكل كبير علي النوم و السلوك و الحركة و الإدراك و التحكم في جسم الشخص و مع ذلك يقول الأطباء أن ” روبن ويليامز ” خاض مع ذلك المرض معركة مثيرة للإعجاب علي الرغم من صعوبتها حيث أشاروا إلي أن الأشخاص الأذكياء بشكل لا يصدق يمكنهم تحمل الأمراض التنكسية بشكل أفضل من الأشخاص العاديين و كان ” روبن ويليامز ” عبقريا ” و لكن لسوء الحظ لم يكن أحد يعرف المرض الذي أصيب به إلا بعد وفاته و هذا يعني أن رجلاً لامعًا كان يعاني من شيء لم يتمكن حتى من البدء في فهمه و هو ما يفسر سبب شعوره بالإحباط الشديد عندما لم يعرف السبب حول الأعراض التي يعاني منها .
أقرأ أيضا : تفاصيل اللحظات الأخيرة من حياة الفنان السينمائي بول ووكر قبل مصرعه في حادث مأساوي
و رغم أن ” روبن ويليامز ” عاني من إدمان المخدرات و الكحول سابقا إلا أنه ظل نظيفًا لمدة ثماني سنوات قبل وفاته و مع ذلك بدأت بعض من الشائعات في الظهور بأنه ربما قد عاد إلي عاداته القديمة مرة أخري و كان ذلك سبب في إنتحاره و هو ما أثار غضب أرملته أما بالنسبة إلي الإدعاءات بأنه إنتحر لمعاناته من الاكتئاب فقالت بأنه لم يكن هو الذي قتله حيث كان أحد الأعراض الخمسين التي مر بها و كان عرضًا صغيرًا إلا أنه بعد إجراء المزيد من الأبحاث حول خرف أجسام ليوي و تحدثها إلي العديد من الأطباء فهي تعتقد أن السبب يرجع إلي ذلك المرض المروع الذي لم يكن يعلم حتى أنه مصاب به و هو ما أكده الأطباء الذين قالوا أنه مرض مدمر حتي أن بعضهم قد ذهل من أن ” روبن ويليامز ” كان قادرًا علي المشي و الحركة و في حين أنه للأسف لم يعرف أبدًا ما هو المرض الذي كان يعاني منه إلا أن أرملته شعرت بالإرتياح لأنها تمكنت على الأقل من تسمية المرض و منذ ذلك الحين أصبحت مهمتها أن تتعلم قدر المستطاع عن طبيعته و تثقيف الآخرين حوله و تصحيح أي افتراضات غير دقيقة حول سبب وفاة زوجها و التأكد من أن ذكري زوجها ستعيش لسنوات و لن ينسي أبدا .