تعتبر الحدائق الشاسعة المساحة و المصممة بشكل جمالى رائع من الأماكن الجذابة التي تستحق الزياره خاصة عند البحث عن ملاذ هادئ و تصالحي للنفس بعيدًا عن العالم الحديث بصخبه و ضوضائه , و رغم كثرة الحدائق المتميزة و المنتشرة حول العالم و التى تحقق تلك الأغراض الا أن هناك حديقة واحدة منهم تعد ذات طابع خاص توجد في منطقة نورثمبرلاند بإنجلترا و تحمل إسم حديقة ألنويك السامة التى تحتضن أشهر أنواع النباتات سمية و أكثرها فتكا لذلك فيجب على زوارها الحذر الشديد أثناء التجول و المرور فيها لأنه حال مخالفة التنبيهات و اللافتات التحذيريه قد تكون حياتهم على المحك و الثمن غاليا لذلك الإهمال .
و يرجع سبب إطلاق ذلك الأسم على الحديقة نسبة الى وجودها بجوار قلعة “ألنويك ” و ينسب فضل تأسيسها الى “جين بيرسى” دوقة نورثمبرلاند و هي مقاطعة في شمال شرق “إنجلترا” تمتد حتى الحدود مع “اسكتلندا” حيث أرادت تحويل المنطقة المحيطة بالقلعة و التى كانت غابات تجارية مهجورة لا تضم أكثر من صفوف أشجار عيد الميلاد إلى وجهة سياحية فريدة من نوعها من شأنها أن تروق للزائرين و خاصة الأطفال منهم لذلك قامت عام 1996 بإستدعاء “جاك فيرتز” و هو مهندس شهير فى تصميمات المناظر الطبيعية و عمل سابقا فى حدائق مقر إقامة الرئيس الفرنسي للمساعدة في تصميم تلك الحدائق و التى أصبحت على مساحة 12 فدانا و يأتى إليها 600 ألف زائر سنويا و رغم ذلك الا أن دوقة نورثمبرلاند كانت مقتنعة بأن هناك حاجة إلى شيء ما لتمييز مشروعها عن الحدائق الأخرى المنتشرة في الريف الإنجليزي حتى يستطيع جذب الزائرين لتفرده حيث وضعت فى البداية رؤية أن تلحق بحدائقها حديقة طبية الا أنه خلال زيارة لها فى “إيطاليا” قامت بالمرور على احدى الحدائق السيئة السمعه و هى حديقة ” ميديتشى السامة ” التى تضم عدد من النباتات المميته ليخطر لها فكرة إضافة حديقة تحتوى على نباتات سامه تكون قادرة على القتل بدلا من النباتات الطبية القادرة على الشفاء و تعززت تلك الفكرة لديها بعد زيارة أخرى إلى موقع أثري لأكبر مستشفى في “اسكتلندا” منذ العصور الوسطى حيث تعرفت فيه على نباتات الأفيون و الشوكران المستخدمين فى تخدير مبتوري الأطراف خلال العمليات الجراحية في القرن الخامس عشر لتقرر بعدها انشاء حديقة ألنويك السامة و ذلك لأغراض تعليميه حيث تقول ان تلك الحديقة هدفها إثارة اهتمام الأطفال و زيادة مداركهم بأهمية النباتات فى حياتنا نظرا الى أنهم لا يهتمون بأن الأسبرين يأتي من لحاء شجرة كما يجب معرفة كيف من الممكن أن تقتلك نبتة و كيف من الممكن أن تتسبب فى إمراضك أو قتلك و ما هو شعورك قبل أن تموت بها و ما هى النباتات تحديدا التى قد تكون ضارة لك بعكس الأخرى .
و نفذت الفكرة و أنشئت حديقة ألنويك السامة عام 2005 و الموجودة خلف بوابة حديدية سوداء مزينة بالجماجم و العظمتين المتقاطعتين و تمتلئ بالكثير من العبارات التحذيريه و التى تضم حاليا أكثر من مائة نوع من النباتات المميتة و ذات السمعة السيئة على مدار التاريخ نظرا الى مسئوليتها عن عدد لا يحصى من الوفيات و الأمراض واستخدامها على مر السنيين من قبل الكثيرين كأداة للقتل لذلك فعند الدخول إليها يقوم المرشدين بإعطاء الزائرين تحذيرات محددة يجب مراعاتها بأنه يمكنك الاستمتاع بتلك النباتات فى حدود مسافة أمنة و لا ينبغي لأحد أن يلمس أو يبتلع أو حتى يشم أيًا من تلك النباتات الموجودة خلف البوابة السوداء و يجب على الآباء الراغبين في اصطحاب أطفالهم في هذه الجولة مراقبة أطفالهم عن كثب في جميع الأوقات لأن تكلفة عصيان القواعد في هذه الحديقة بالذات أشد بكثير من مجرد التوبيخ على الإهمال .
اقرأ أيضا : تعرف على جزيرة الأفاعى السامة المحظور على الإنسان التواجد فيها
و رغم تلك المحاذير و الإرشادات الصارمة المعمول بها داخل حديقة ألنويك السامة الا أنه لا يزال الزائرين كل عام يستسلمون في بعض الأحيان لتأثيرات تلك النباتات بمعدل 20 الى 30 شخص سنويا حيث يواجهون أعراض التسمم الناتجة من استنشاق بعض من الأبخرة السامة التى تطلقها فى الهواء خاصة نباتات الغار التى تنمو فى الحديقة و أيضا منشرة بالبرية في بعض أجزاء من “بريطانيا” و تتسبب في وفيات عديدة و غالبًا ما ينتهي الأمر بالسكان المحليين الذين يقطعون تحوطات الغار و يقومون بنقلها بعيدًا في شاحنات إلى الانهيار و التعرض الى بعض الحوادث بسبب وقوعهم فى النوم نتيجة استنشاقهم أبخرة تلك النباتات , كما تحتوى حديقة ألنويك السامة أيضا على نباتات ذات تأثيرات خطيرة حيث يمكن أن تتسبب عشبة الهوجويد العملاقة في حروق خطيرة و حساسية شديدة للشمس لمدة تصل إلى سبع سنوات و يكفي تناول القليل من التوت من نبات البلادونا لقتل طفل كما يؤدى تناول نبتة الهينبان في حدوث الهلوسة اما استنشاق رائحته الكريهة فيسبب الدوار لذلك فعند تعامل البستانيين مع تلك النباتات فيكون بشكل خاص من خلال ارتدائهم القفازات و واقيات الوجه و بدلات المواد الخطرة .
و بجانب النباتات القاتلة الموجودة فى حديقة ألنويك السامة فهى تحتوى أيضا على قسم إضافي للنباتات الضارة و لكن بطريقة مختلفة و غير مباشرة و ذلك بعد أن قامت الدوقة “بيرسي” بإنشاء قسم تزرع فيه مجموعة متنوعة من النباتات التي تستخدم فى صناعة المواد المخدرة مثل الحشيش و الكوكايين حيث يستخدم المرشدون ذلك القسم من الحديقة كمقدمة للتثقيف بشأن المخدرات و مخاطرها حيث تقول إنها طريقة لتوعية الأطفال دون أن يعرفوا أنهم يتلقون تعليمهم لأنه بوجودهم فى ذلك المكان تحديدا سوف يكون هناك سرد طبيعى عن مخاطر المخدرات التى تأتى من تلك النبتة و من الممكن أن تؤدى الى الوفاة و هى أشياء قد تكون مفيدة جدا أن يتم زرعها بداخل الأطفال فى سن مبكرة .