تتعدد عمليات السطو على البنوك فى كل مكان فى العالم و يبتكر كل تشكيل عصابى أساليب قد تسهل عليه عملية السرقة سواء كانت فى تجميع الأموال او الهرب من مطاردات الشرطة و لكن شهدت الولايات المتحدة عام 2003 حادثة سطو فريدة من نوعها على احدى البنوك حين تم إختطاف شخص يدعي براين ويلز من قبل مجهولين و تلغيمه بإحدى القنابل و إجباره على الدخول الى أحد البنوك و طلبه لمبلغ مالي و الا سيقوم الشخص الذى سيطر عليه بتفجيرها فى الجميع حال عدم الإذعان لمطلبه و هو الأمر الذى أصاب الشرطة الأمريكية بالإرتباك من التعامل مع تلك القضية التى نالت زخما إعلاميا كبيرا و عرفت وقتها بإسم العبقريه الشريرة .
بدأت قصة قضية العبقرية الشريرة فى 28 أغسطس عام 2003 في ولاية “بنسلفانيا” و يوم عمل معتاد لشخص مسئول عن توصيل طلبات البيتزا الى المنازل يدعى ” براين ويلز ” البالغ من العمر 46 عاما حيث تلقى طلبا لتوصيل البيتزا الى احد ضواحى المدينة و عندما وصل الى العنوان اكتشف انه لم يكن هناك اى منزل بل منطقة مقفرة و محاطة بالغابات و لا احد يعرف تحديدا ماذا حدث فى تلك الاثناء سوى ان شخص ما قام بربط قنبله حول عنقه و اجبره على التوجه الى احد البنوك لسرقته و هدده انه سيكون تحت المراقبه و اذا تقاعس عن تنفيذ مهمته او قام بشئ مريب فستنفجر فيه تلك القنبله و تودى بحياته .
و لم يكن امام ” براين ويلز ” سوى الامتثال و عندما دخل الى البنك سلم الموظفة المسئوله ورقه مكتوب فيها انه يطلب مبلغ 250 ألف دولار خلال 15 دقيقة و الا سيقوم بتفجير المكان الا ان الصرافه أوضحت له انها لن تستطع جمع كل ذلك المبلغ فى تلك الفترة و كل ما يمكنها فعله هو اعطاءه مبلغ 8700 دولار تقريبا فلم يكن امام ” براين ” و الذى كان على ملامحه الخوف و الارتباك سوى القبول بذلك و المغادرة و بعد رحيله قام البنك بالاتصال بالشرطة التي تعقبته و وجدته بسرعه و هو يقف خارج سيارته في موقف سيارات قريب و بتضييق الخناق و محاولة إلقاء القبض عليه و صرخ فيهم ” براين ويلز ” ان القنبله حول عنقه حقيقيه و شرح الامر لهم بأن هناك افرادا قاموا بوضع قنبله حول عنقه و لن يبطلوا مفعولها الا بعد انتهائه من عملية السرقه فاستدعت الشرطة خبراء المفرقعات و جلس براين هو الاخر فى انتظارها الا انه و قبل وصول الخبراء بدأت القنبلة فى اصدار صفير بطريقه مثيرة للقلق فتراجعت الشرطة و انفجر الطوق الانفجارى فى “براين” موديا بحياته .
و بدأت الشرطة و مؤسسات امنيه اخرى مثل المباحث الفيدراليه FBI فى فتح تحقيق حول تلك الجريمة الغامضه حيث كانت الشواهد و الادلة تدعم قصة ” براين ” و كانوا كلما انخرطوا فى التحقيق كلما ازدادت تعقيدا فهى ليست مجرد جريمة سطو عاديه بل فيها لمسات ارهابيه و القنبلة مصنوعه بحرفيه شديدة بالاضافه الى وجود عصا كان يحملها “براين ويلز ” اثناء الجريمة و اكتشفوا انها كانت بندقيه و ليس ذلك فقط و لكن وجدوا فى سيارته مجموعه من الصفحات المكتوب فيها بعضا من التعليمات له بإكمال سلسلة من المهام و بعد ذلك سيتم توجيهه إلى المفاتيح و الرموز المركبة التي ستسمح له في النهاية بإزالة القنبلة الا انه كان من الواضح انه فشل فى منتصف المهمه الثانيه بعد انفجار القنبله و بدأت الشرطة فى تتبع تلك التعليمات و محاولة تطبيقها بغية الوصول الى خيط يدلهم الى الجناه لا ان الجناة طمسوا باقى الادلة و التعليمات لمنع كشفهم و اصبحت الشرطة امام طريق مسدود .
و بعد ثلاث اسابيع من الحادث اتصل رجل بالشرطة يدعى ” بيل روثستاين ” يبلغهم بوجود جثة رجل يدعى ” جيمس رودن ” فى منزله و اعترف ان من قتلته ” مارجورى ديهل ارمسترونج “و هى امراءة ذات ماضى اجرامى نتيجة نزاع مالى و اتصلت به للمساعدة في التخلص من الجثة و قال إنه وافق في البداية لكنه قرر الآن أنه لا يستطيع المضي قدما في ذلك و تم القاء القبض عليها و محاكمتها بالسجن من 7:20 عاما و فى عام 2005 كانت “مارجورى” تخضع للاستجواب من قبل السلطات عندما كشفت فجأة أنها تعرف معلومات عن ما حدث بقضية “براين ميلز ” و سرقة البنك وأنها ستخبرهم بكل شيء إذا نقلوها إلى سجن ذي مستوى أمان أدنى و ان صديقها الذى قتلته و من وشى بها هم المشاركين فى تلك المؤامرة بل و فجرت مفاجاءة من العيار الثقيل عندما اقرت ان الضحيه ” براين ويلز ” هو الاخر مشاركا فى الحادث و بدأت السلطات فى التعمق فى التحقيقات و التى وصلت الى ان “مارجورى” هى العقل المدبر لذلك الحادث و كان كل هدفها الحصول على المال من اجل استئجار قاتل محترف لقتل والدها و الحصول على الميراث و قادت التحقيقات الى تورط شخص اخر يدعى ” كينيث بارنز ” و هو صديقا لها و احد تجار المخدرات و اقر بصحة اعترافاتها و مشاركة ” براين ويلز ” الا انه قال ان براين كان يعتقد ان القنبلة حول رقبته مزيفة و مجرد خدعة يستخدمها لتهديد موظفي البنك و لكن عندما ذهب إلى المنطقة المعزولة فى الغابات علم أن المتآمرين الآخرين بقيادة “مارجورى” غيروا رأيهم و وضعوا قنبلة حقيقية حول عنقه و اصبح الامر لعبة و ليس مجرد سطو فقط .
كان لذلك الاعلان صدمة لعائلة ” براين ويلز ” التى اصرت انه كان بريئا و ضحيه لتلك الجريمة و ان السلطات اخطأت فى تحقيقاتها مع ذلك الشخص لانه اذا كان متورطا فما الذى سوف يستفيده فى حالة القاء القبض عليه و الوصول الى شركاءه و الذين بالتبعيه سوف يقرون بمشاركته معهم و تم تقديم “كينيث بارنز” و “مارجورى” للمحاكمة التى نفت فيها انها هى الرأس المدبر لها و اقرت انها فقط قامت بظبط موعد انفجار القنبله و لم تلتقى ببراين ويلز مطلقا و لكن الاخرين هم من قاموا بذلك معه و حكم عليها عليها بالسجن مدى الحياة و توفيت داخل محبسها عام 2017 نتيجة مرضها .
و رغم انتهاء القضيه الا انها فتحت بابا كبيرا للجدل فبعض الاراء تقول ان “مارجورى” لم تكن هى بالفعل العقل المدبر بل ” بيل روثستاين ” الذي لم يتم اتهامه رسميًا بأي شيء وقد دافع عن هذه النظرية المحقق الجنائي المتقاعد في مكتب التحقيقات الفدرالي “جيم فيشر” الذي يعتقد أنه من بين جميع المتآمرين كان “روثستاين” هو الذي لديه المعرفة اللازمة لصنع القنبلة و الذى يعتقد انه فعل ذلك ليس لمجرد السرقه بل بالتلاعب بالسلطات و لمجرد التسليه الا انها تظل فرضيه نظرا لوفاة ” بيل روثشتاين ” عام 2004 اى قبل عام من اعتراف “مارجورى” و البعض الاخر يقول ان العقل المدبر لا يزال الى الان حيا طليقا و هو تلاعب بالكل و في النهاية يبقى لدينا العديد من الأسئلة بدون اجابات ماذا حدث لرجل توصيل البيتزا ؟ وهل تم استخدامه أم أنه كان يعرف ماذا يفعل ؟ من كان وراء كل هذا وما هى دوافعهم الحقيقيه ؟ لذلك فقد أصبحت تلك القضية واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا وغرابة في العديد من قضايا الجريمة داخل الولايات المتحدة .