يشهد المجتمع الأمريكي بشكل يومي العديد من الحوادث و لكن القليل منها فقط هو من يلفت إنتباه وسائل الإعلام نظرا لملابساتها الغامضة التي تمثل صعوبة علي السلطات خلال محاولة فك ألغازها منها حادث وقع عام 2013 في مدينة لوس أنجلوس و الذي بدء بالعثور علي جثمان طالبة جامعية كندية تدعي إليسا لام و تبلغ من العمر 21 عامًا داخل خزان مياه في فندق سيسيل سيئ السمعة و ما زاد غموض الحادث هو ما أظهرته كاميرات المراقبة للحظات الأخيرة قبل إختفائها مع تفاصيل أخرى تم الوصول إليها خلال التحقيقات لكنها بدلا من أن تعطي إجابات لتفسير ما حدث كان العكس هو الصحيح بزيادة الأمور تعقيدا بشكل دفع لوليتا لوبيز مراسلة قناة إن بي سي لوس أنجلوس للقول بأنها علي مدار عملها طوال 22 عاما كانت تلك القضية هي الأكثر غموضا لأنه حتي اللحظة لا توجد إجابات عن متي و كيف حدثت و من فعلها و بذلك تصبح قضية إليسا لام واحدة من أغرب القضايا الغامضة التي شهدها المجتمع الأمريكي عبر تاريخه .
بدأت القصة في يوم 26 من يناير عام 2013 حين وصلت “إليسا لام” إلى مدينة “لوس أنجلوس” قادمة من “سان دييجو” في رحلة فردية قامت بها حول مدن الساحل الغربي كنوع من الترفيه عن نفسها و الهروب من ضغوط الدراسة في جامعة كولومبيا البريطانية في مدينة “فانكوفر” الكندية حيث ولدت و نشأت و عاشت و رغم إعتراض أسرتها علي تلك الرحلة إلا أنها كانت مصممة على القيام بها بمفردها و كحل وسط مع أبويها قررت “إليسا لام ” إعلامهم بأماكن تحركاتها بشكل مستمر لإخبارهم بأنها آمنة و لهذا السبب صدم والديها و شعروا بقلق عميق حين لم تتواصل معهم بداية من 31 يناير و هو اليوم الذي كان من المقرر أن تغادر فيه فندق “سيسيل” الذي أقامت به بمدينة “لوس أنجلوس” و هو ما دفع والدها للتواصل مع قسم شرطة لوس أنجلوس و التى توجهت إلي الفندق و قامت بتفتيش مقر إقامتها لكنها لم تعثر علي أثر لها .
و لم تيأس الشرطة حيث قامت بتفريغ محتويات كاميرات المراقبة الخاصة بالفندق و التى أظهرت لقطات كانت بداية الغموض حيث ظهرت “إليسا لام ” و هي في أحد المصاعد يوم اختفائها و تتصرف بغرابة داخله بعد أن ضغطت علي جميع الأزرار الأرضية ثم أخرجت رأسها منه بإتجاه الممرات كما و لو أنها تراقب أحد بها ثم وقفت كما و لو أنها تختبئ في المصعد و بعدها خرجت منه تماما و تُظهر الدقائق الأخيرة من الفيديو “إليسا لام ” و هي تقف على الجانب الأيسر من الباب و تحرك يديها بحركات عشوائية كما و لو أنها تتحدث مع أحد ما و الغريب أنه لم يتم التقاط أي شخص آخر في الفيديو بإستثنائها ثم تم نشر ذلك الفيديو الذي يحتوي علي تفاصيل غامضة علي شبكة الإنترنت و حصد المقطع الذي تبلغ مدته أربع دقائق عشرات الملايين من المشاهدات .
و بعد مرور أسبوعين من نشر السلطات للفيديو و في يوم 19 فبراير وجد عامل الصيانة “سانتياجو لوبيز” جثة “إليسا لام” طافية داخل أحد خزانات المياه بالفندق و ذلك أثناء تحركه لصيانة الخزانات نتيجة شكاوي متعددة من رواد الفندق حول إنخفاض ضغط المياه و وجود طعم غريب قادم من مياه الصنبور و وفقًا لبيان صادر عن رئيس إدارة الإطفاء في “لوس أنجلوس” فإنه كان من الضروري تجفيف الخزان الذي تم العثور فيه على الجثة ثم قطعه من الجانب من أجل إخراجها و كان من الملاحظ أنها ترتدي نفس الملابس التي كانت بها في الفيديو و يصبح السؤال المسيطر علي الأذهان هو كيف أنتهى المطاف بـ “إليسا لام” داخل خزان المياه بالفندق و من قد يكون متورطًا في ذلك و تم فتح تحقيق حول ذلك الموضوع و أخبر موظفي الفندق السلطات أن ” إليسا لام ” كانت دائمًا ما يروها تتجول داخل منشئات الفندق كما شاهدها أحدهم قبل وفاتها بوقت قصير داخل متجر قريب منهم حيث أقرت مالكته ” كاتي أورفان ” بحضورها بالفعل و قالت أنها قامت بشراء كتب و أسطوانات موسيقية لأسرتها بمدينة “فانكوفر” في “كندا” و أضافت أنه كان من الواضح أنه لديها خطط للعودة إلى منزلها و تخطط لتقديم أشياء كهدايا لأفراد أسرتها .
و أثناء التحقيقات ظهرت نتائج تشريح جثة “إليسا لام ” و التى بدلا من إعطاء إجابات حول ما حدث أدت إلى إثارة المزيد من الأسئلة حيث أكد تقرير علم السموم أنها قد تناولت عددًا من الأدوية الطبية و من المحتمل أن يكون واحدا منهم هو ما أدي إلي إصابتها بعدد من الإضطرابات كما أنه لم يكون هناك أي مؤشرات على تعاطي الكحول أو مواد مخدرة داخل جسدها و فور نشر التقرير بدأ بعض من المحققين الهواة في البحث عن أي معلومات تمكنهم من العثور علي أي أدلة قد تقوم بحل لغز وفاة “إليسا لام” من بينهم شخص نشر رؤيته علي شبكة الإنترنت و أشار فيها أنه كان من الواضح إصابتها بإضطراب ثنائي القطب و الإكتئاب و أنها تتناول أدوية لذلك لكنها لم تتعاطها بشكل صحيح و لأنه من المعروف أن مضادات الإكتئاب من الممكن أن تؤدي إلي حدوث آثار جانبية جنونية إذا تم تناولها بشكل خاطئ لذلك فيكون من المفهوم ظهورها بذلك السلوك الغريب الذي ظهرت عليه داخل المصعد .
و كان ذلك التفسير منطقيا خاصة بعد دعمه من مديرة الفندق “إيمي برايس” التى أقرت في التحقيقات أن ” إليسا لام ” أثناء إقامتها داخل فندق “سيسيل” كانت تقيم في غرفة مشتركة على طراز بيوت الشباب مع أفراد آخرين و لكن نتيجة شكاوي متعددة تحصلت عليها إدارة الفندق من زملائها في الغرفة بسبب سلوكها الغريب فقد تم إجبارها علي الإنتقال إلى غرفة فردية خاصة بها و علي الرغم من منطقية تلك النظرية الا أنها لم تجيب علي باقي الأسئلة الأخري و المتعلقة بكيف إنتهي المطاف بإليسا لام بالموت و كيف وصلت إلي خزانات مياه الفندق فى أعلي السطح ؟ .
و بعد مرور عدة شهور علي الوفاة قام دافيد و بينا والدي ” إليسا لام ” برفع دعوي قضائية ضد فندق “سيسيل” يتهمونه فيه بالإهمال و بأن الفندق كان عليه واجب التفتيش و البحث عن المخاطر التي تشكل خطرًا على نزلاءه و من جانبه رفض الفندق تلك الإتهامات و قال محاميهم بأن إدارة الفندق ليس لديها سبب للإعتقاد بأن شخصًا ما سيتمكن من الدخول إلى أحد خزانات المياه الخاصة بهم خاصة بعد وصف “سانتياجو لوبيز” خلال التحقيقات مقدار الصعوبات التى سيواجهها أي شخص يصل إلي ذلك المكان الذى عثر فيه علي الجثمان حيث روي ما حدث بأنه أخذ المصعد إلى الطابق الخامس عشر من الفندق ثم صعد سلما إلى السطح و بعد ذلك كان عليه أولاً إيقاف تشغيل جهاز الإنذار الموجود على السطح ثم صعد على المنصة التى بها توجد خزانات المياه الأربعة و أخيرًا كان عليه أن يصعد سلمًا آخر للوصول إلى قمة الخزان الرئيسي و حينها فقط بدء في ملاحظة شئ غير إعتيادي حين شاهد فتحة خزان المياه الرئيسي مفتوحة و بداخله جثمان امرأة آسيوية مستلقية و وجهها لأعلى في الماء .
و رغم شهادة ” سانتياجو لوبيز ” التى كانت في صف الفندق الا أنه أضاف فى التحقيقات أمر بالغ الخطورة و هو أنه من الصعب على ” إليسا لام ” أن تصل إلى قمة خزان المياه بمفردها أو على الأقل ليس من دون أن يلاحظ أحد ذلك و هو أمر أكده رئيس المهندسين في الفندق “بيدرو توفار” الذي قال أنه سيكون من الصعب للغاية على أي شخص الوصول إلى السطح حيث توجد خزانات المياه دون إطلاق أجهزة الإنذار و الذي سيصل صوته إلى مكتب الإستقبال بالإضافة إلى الطابقين العلويين بالكامل من الفندق و أن الموظفين فقط هم من يستطيعون إلغاء تنشيطه بشكل صحيح إذا تم إطلاقه .
و أنتهت الدعوي القضائية ضد الفندق بالرفض بعد حكم من قاضي المحكمة العليا في لوس أنجلوس و الذي أشار أن وفاة “إليسا لام” كانت غير متوقعة لأنها حدثت في منطقة لم يُسمح للضيوف بالوصول إليها و مع مرور الوقت و رغم خفوت الحديث حول القضية إلا أن البعض بدء في البحث حول خلفية ذلك الفندق و الذي وجد أنه كان في الواقع سيئ السمعة بإعتباره واحد من العقارات التي يُفترض بأنها مسكونة في “لوس أنجلوس” فمنذ إفتتاحه عام 1927 عانى فندق ” سيسيل ” من 16 حالة وفاة غير طبيعية و شهد أحداث خارقة غير مفسرة حتي اللحظة و تعتبر أشهر وفاة مرتبطة بالفندق بخلاف “إليسا لام ” كانت مقتل الممثلة “إليزابيث شورت” الملقبة بـ “الداليا السوداء” عام 1947 كما أستضاف الفندق أيضا بعضًا من أشهر القتلة في البلاد ففي عام 1985 عاش فيه “ريتشارد راميريز” المعروف بإسم “مطارد الليل” حيث تقول الروايات عنه بأنه بعد إرتكابه لجريمة قتل كان يلقي ملابسه الملطخة بالدماء خارج الفندق ثم يعود إليه نصف عارٍ و نتيجة أن الفندق كان في حالة من الفوضى فقد كان ظهور ” راميريز ” بذلك الشكل في الداخل لم يكن ملفتا للإنتباه كما أنه بعد ست سنوات أنتقل قاتل آخر إلى الفندق و هو النمساوي ” جاك أنتيرويجير ” الذي حصل على لقب “خانق فيينا” .
و في حين أن الإجابة على اللغز وراء وفاة “إليسا لام” لا تزال غير واضحة و لا توجد حولها أي إجابات إلا أن الهوس المحيط بهذا اللغز لا يزال في الأذهان حتى اللحظة و إلي الأن نحن علي أمل الوصول إلي أى حقائق قد تنير الطريق لفك غموض ذلك الحادث.