برج إيفل هو معلم فرنسي شهير و يعد تحفة تكنولوجية في تاريخ البناء و التشييد يبلغ إرتفاعه 330 متر أى ما يعادل مبني به 81 طابقا لذلك فهو بمثابة أعلى مبني فى العاصمة باريس و أطلق عليه ذلك الإسم نسبة إلي المهندس جوستاف إيفل الذي قامت شركته بتصميمه و تشييده و ذلك للإحتفال بالذكري المئوية للثورة الفرنسية و لإظهار براعة فرنسا الصناعية و الإنشائية للعالم و رغم شهرة برج إيفل العالمية حاليا إلا أنه كان ينظر إليه فى بادئ الأمر من قبل فنانين و مثقفين على أنه أبشع مبنى في العاصمة و لكن سرعان ما أصبح رمزًا للمدينة و صار من أكثر النصب التذكارية زيارة فى العالم و لا أحد يرتحل إلي فرنسا بغرض السياحة إلا و كان لزاما عليه زيارته و نظرا لأهميته الثقافية فقد أدرجته منظمة اليونسكو عام 1991 كجزءًا من أحد مواقع التراث العالمي .
تاريخ بناء برج إيفل
يرجع تاريخ برج إيفل الى ” جوستاف إيفل ” و هو مهندس مدني فرنسي يُنسب إليه عادةً تصميم البرج الذي يحمل اسمه و مع ذلك كان معه في الواقع رجلين أقل شهرة و هم “موريس كويشلين” و “إميل نوجير” الذان كانا مديران هندسيان فى شركته و هم من وضعا الرسومات الأصلية لذلك الصرح العملاق جنبا إلى جنب مع “جوستاف إيفل” و المهندس المعماري الفرنسي “ستيفن سوفستر” و قدموها لمسابقة من شأنها أن تحدد محور معرض عالمي سوف يقام عام 1889 في العاصمة الفرنسية “باريس ” للإحتفال بالذكري المئوية للثورة الفرنسية و فاز تصميمهم بالمسابقة و بدأ بناء البرج من الحديد المطاوع في يوليو عام 1887 و رغم ضخامة البناء إلا أنه لم يكن الجميع في “باريس” مبتهجين بفكرة نصب تذكاري معدني عملاق يلوح في الأفق فوق المدينة حيث أرسلت مجموعة مكونة من 300 فنان و نحات و كاتب و مهندس معماري عريضة إلى مفوض معرض باريس يطالبونه بوقف بناء ذلك البرج المضحك الذي من شأنه أن يهيمن على “باريس” مثل مدخنة سوداء عملاقة لكن إحتجاجات الوسط الفني و الثقافي في باريس لم تلق آذانًا صاغية و أكتمل بناء برج إيفل بعد مرور عامين في 31 مارس عام 1889 بتكلفة 7.8 مليون فرنك فرنسي أى 1.5 مليون دولار .
و تميز برج إيفل بحداثته لأن تصميمه كان يختلف تماما عن الطرز القوطية و عصر النهضة و الباروك التي كانت شائعة في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر حيث كان من أوائل الأمثلة على العمارة الحديثة بسبب الحديد الكون له و لحقيقة أنه لم يكن له أي غرض على وجه الخصوص فقط لإظهار الإبداع المعماري و المهارات الفرنسية للعالم أى أنه كان مشبعًا بالمعنى و ليس المنفعة كما أنه كان مبني للجميع حيث أصر “جوستاف إيفل” على إدراج المصاعد في البرج و كان لابد من إستيرادها من شركة فى ” الولايات المتحدة ” لأنه لا توجد شركة فرنسية تستطيع تلبية معايير الجودة المطلوبة كما أدرج فيه السلالم المتحركة و التى من خلالها يمكن للباريسيين و زوارهم إستخدام المبنى كبرج يمكنهم من الاستمتاع بإطلالة على مدينتهم حيث كان ذلك الأمر لم يكن متاحًا من قبل إلا لعدد قليل من الأثرياء الذين يمكنهم تحمل تكلفة الطيران في منطاد الهواء الساخن لكنها الآن رخيصة إلى حد ما و يمكن لأي شخص الاستمتاع بمنظر المدينة منه .
هيكل و محتويات برج إيفل
من أجل بناء برج إيفل تم تصنيع مع يقرب من 18000 قطعة معدنية في مصنع “إيفل” في ضواحي باريس حيث يتكون الهيكل المصنوع من الحديد المطاوع من أربعة أرجل مقوسة ضخمة مثبتة على دعامات حجرية تنحني إلى الداخل حتى تنضم إلى برج واحد مدبب كما تطلب بناء البرج ما يقارب من 2.5 مليون برشام مجمعة حرارياً و 7300 طن من الحديد و مع إضافة المصاعد و المتاجر و الهوائيات يصبح الوزن الإجمالي 10100 طن و لحماية البرج من العوامل الجوية قام العمال بطلاء كل شبر من الهيكل و هو إنجاز تطلب 60 طناً من الطلاء و على مدار تاريخ بناء برج إيفل تمت إعادة طلاءه 18 مرة و تم طلاءه بثلاثة ألوان أفتح في الأعلى ثم يزداد قتامة تدريجياً نحو الأسفل و كان في الأصل ذات لون بني محمر ثم تغير عام 1968 إلى اللون البرونزي المعروف باسم “برج إيفل براون” و يُتوقع أن يتم طلائه باللون الذهبي إحتفالًا بدورة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 2024 القادمة في باريس
و من الملاحظ أنه أثناء تشييد برج إيفل و نظرا لإرتفاعه الشاهق فقد تم وضع مقاومة الرياح فى الإعتبار لذلك وضعت حسابات دقيقة للتأكد من قدرته على الصمود أمامها لذلك تم تصميم جميع أجزاء البرج بشكل مبالغ فيه لضمان أقصى مقاومة لقوى الرياح حيث تشير الدراسات الى أنه يتأرجح بنسبة تصل إلى 9 سنتيمترات كما أنه مع ارتفاع درجة حرارة الجانب المواجه للشمس من البرج فإن الجزء العلوي منه يتمدد بمقدار 18 سنتيمترا بعيدًا عن الشمس .
و عندما تم الإنتهاء من بناء الطابق الأول فى برج إيفل إحتوي على ثلاثة مطاعم واحد فرنسي و آخر روسي و واحد فلمنكي و بار أنجلو أمريكي ثم تحول المطعم الفلمنكي لاحقا إلى مسرح يتسع لـ 250 مقعدًا كما كان يحتوي على مختبرات لتجارب علمية مختلفة و شقة صغيرة مخصصة لجوستاف إيفل للترفيه عن الضيوف و هي مفتوحة الآن للجمهور أما بالنسبة الى المصاعد فقد تم تغييرها عدة مرات و تستغرق في المتوسط 8 دقائق و 50 ثانية للقيام برحلة ذهابًا و إيابًا و يقضي المصعد في المتوسط دقيقة واحدة و 15 ثانية في كل مستوى من مستوياته حيث أن إرتفاع المستوي الأول على ارتفاع 58 متر فوق سطح الأرض و المستوى الثاني 115 متر و المستوى الثالث بارتفاع 275 متر تقريبًا .
استخدامات برج إيفل
فى البداية كان المقصود من بناء “برج إيفل” أن يكون هيكلًا مؤقتًا و أن يكون من المقرر إزالته بعد 20 عامًا من بناءه و لكن مع مرور الوقت لم يعد الناس يريدون رؤية البرج يختفي من أمامهم و أعتذر العديد من أعداء المشروع السابقين علنًا و كان معظم الباريسيين فخورون به كما أن “جوستاف إيفل” لم يكن راغبا أيضًا فى تفكيك مشروعه المفضل لذلك شرع في جعله أداة لا غنى عنها للمجتمع العلمي فبعد أيام قليلة من إفتتاحه أقام مختبرًا للأرصاد الجوية في الطابق الثالث من البرج و دعا العلماء لإستخدامه في دراساتهم حول كل شيء من الجاذبية إلى الكهرباء و لكن في النهاية كان إرتفاع البرج الذي يلوح في الأفق هو الذي أنقذه من الإنقراض و ليس مختبره و في عام 1910 جددت مدينة “باريس” إمتياز ” جوستاف إيفل ” للبرج بسبب فائدة الهيكل كجهاز إرسال تلغراف لاسلكي كما أستخدمه الجيش الفرنسي للتواصل لاسلكيًا مع السفن في المحيط الأطلسي و إعتراض رسائل العدو خلال الحرب العالمية الأولى و لا يزال البرج موطناً لأكثر من 120 هوائيًا تبث إشارات الراديو و التلفزيون في جميع أنحاء العاصمة و خارجها .
البرج فى وقتنا المعاصر
لا يزال برج إيفل هو محور أفق مدينة “باريس” و يمتلك 1710 درجة سلم و 20 ألف مصباح مضئ و يطلق عليه الفرنسيين لقب ” السيدة الحديدية ” و يمكن للزوار الصعود على السلالم حتى المستوي الأول ثم بعد ذلك يتم إستخدام المصاعد و تشير الإحصائيات الى أنه يزور برج إيفل سنويا أكثر من 7 ملايين شخص و وفقًا لموقعهم الرسمي على الإنترنت فمنذ افتتاح البرج عام 1889 أستمتع ما يقرب من 250 مليون فرد من جميع أنحاء العالم بالخدمات الموجودة داخل البرج حيث تحتوي مستوياته الثلاثة حاليا على مطعمين و العديد من البوفيهات و قاعة للحفلات و بار و العديد من متاجر الهدايا الفريدة كما تتوفر جولات إرشادية داخل البرج للأطفال و المجموعات السياحية و هو مفتوح للزوار طوال العام و يمكن شراء التذاكر عبر الإنترنت أو من خلال مكتب التذاكر عند سفح البرج .