إذا كنت يوما تحلق بالطائرة على منطقة جولدفيلد إسبرانس الواقعة قبالة الساحل الجنوبي غرب أستراليا و تمر أعلى أرخبيل ” ريشيرش ” المكون بمجموعة من الجزر فسوف تشاهد على حافة الجزيرة الوسطى التى تعد أكبرهم فى المساحة واحدة من أغرب الظواهر الطبيعية بالعالم المتجسدة فى بحيرة مالحة معروفة بإسم بحيرة هيلير و التى يرجع سبب غرابتها إلي عدم إحتوائها على اللون الأزرق المعروف للمسطحات المائية الموجودة على سطح كوكب الأرض بل مياه وردية زاهية محببة للنفس و تصبح رؤيتها أكثر تميزا و وضوحا من الأعلى خاصة عند مقارنتها بالساحل الأسترالى الأزرق المجاور لها و الذى يفصل بينهم شريطا أخضرا من الأشجار و النباتات بشكل يخلق تباينا مذهلا و خلابا فى الألوان و ليس ذلك فقط بل تظل مياهها مكتسبة نفس اللون حتى و أن أخذت بعضا منها فى وعاء كما أنها تظل محتفظة بألوانها طوال العام بعكس باقى البحيرات الوردية الأخري التى تتلاشى ألوانها بإنتظام لأسباب تتعلق بالفصول الموسمية و درجات الحرارة .
أسباب إكتسابها بحيرة لونها الوردي
و تبلغ مساحة ” بحيرة هيلير ” 37 فدانا و تمتد علي طول 600 متر و عرض 260 متر و هى محاطة من ضفافها بالرمال التى تليها غابة كثيفة من أشجار الأوكالبتوس و رغم أن سبب إمتلاكها لذلك اللون الوردى غير معروف حتى الأن إلا أن فريق من العلماء يرجح أنه يرجع نتيجة إحتوائها على نوع من الطحالب يدعى ” دوناليلا سالينا ” و هو نوع قادر على تحمل تركيزات كبيرة من الملح و غنية بالكاروتينات الذي يعتبر المسئول الأول عن إكسابها ذلك اللون و نتيجة وجود درجات حرارة مرتفعة و وفرة من الضوء فيعملان علي مساعدة تلك الطحالب للقيام بعملية التمثيل الضوئى و الذى منه تنطلق تلك الصبغات الوردية و تعطى البحيرة شكلها المميز أما فريق أخر فهو يرجح أن السبب يرجع إلي وجود نوع من البكتيريا و الأركيا الموجودة فى قشور الملح على سطحها و الذين يعدون هم المسئولين عن إفراز تلك الصبغة الوردية داخل خلاياهم و تؤدى إلي حدوث تلك الظاهرة او على الأقل يمثلون عوامل مساعدة تساهم فى إكسابها ذلك اللون بجوار الطحالب .
تاريخ بحيرة هيلير
و يرجع تاريخ إكتشاف ” بحيرة هيلير ” لأول مرة عام 1802 م عن طريق إحدى البعثات الإستكشافية للملاح و رسام الخرائط البريطانى ” ماثيو فلايندرز ” و التى تعد كتابته عنها بمثابة أول وثيقة رسمية متعلقة بها و ذلك بعد أن شاهدها فور صعوده الى أعلى نقطة فى الجزيرة الوسطى و التى سميت على إسمه بـ “قمة فلايندرز ” حيث تعجب من شكلها واصفا إياها فى كتاباته بأنها “ذات لون وردى و مشبعة بالملح بغزارة لدرجة وجود بعض منه على ضفافها بشكل يمكن تحميله على السفن كما أنه ملح من النوع الجيد الذى يمكن إستخدامه بمجرد تجفيفه ” ثم بعد ذلك ترك ” فلايندرز ” الجزيرة ثم عاد إليها مجددا بعد عام و أطلق عليها إسم ” بحيرة هيلير ” نسبة إلي ” ويليام هيلير ” أحد أفراد طاقمه الذى توفي بأحد الأمراض قبل مغادرتهم لتلك الجزيرة و سرعان ما بدء توافد الناس عليها فى القرن التاسع عشر من أجل إستغلالها فى الأغراض التجارية عبر إستخلاص الملح من مياهها و الذى يعد نسبته أعلى بعشر مرات عن الموجودة فى المحيط الا أنه توقف العمل بها نظرا لعدم مطابقته للمواصفات الصحيه للإستهلاك الأدمي لتتحول بعد ذلك البحيرة الى الأغراض السياحية .
و رغم تواجد الطحالب و البكتيريا فى ” بحيرة هيلير ” الا أنها لا تحتوى على أى كائنات بحرية أخرى مألوفة كالأسماك و غيرها بسبب شدة ملوحتها لذلك فيحظر على الإنسان الشرب منها لمخاطرها الصحيه الا أنه حال نزوله للأستحمام فيها فهو أمر غير ضار شريطة الحصول على تصريح من قسم حماية البيئة في غرب “أستراليا” نظرا إلى أنها تعد محمية طبيعية كما أن الوصول إليها ليس بسيطا لوجودها فى مكان متطرف و غير مأهول لذلك فيحضر إليها أعدادا ليست بالكبيرة من السياح و عبر وسائل نقل محدودة و التى تكون غالبا إما عن طريق المروحيات جوا أو من خلال الرحلات البحرية بإستخدام اليخوت و السفن بحرا .
أقرأ أيضا : باساج دو جوا الطريق الذى يختفى مرتين يوميا عن الأنظار