المحيط الجنوبي و المعروف أيضًا باسم المحيط المتجمد الجنوبي هو رابع أكبر التقسيمات البحرية الموجودة على كوكب الأرض بعد المحيط الهادئ و الاطلسي و الهندي و هو على هيئة كتلة كبيرة من المياه تحيط بالقارة القطبية الجنوبية و لم يتم تعريفه بشكل رسمي إلا مؤخرًا من قبل المجتمع العلمي على الرغم من استخدام مصطلح المحيط المتجمد الجنوبي في أوقات سابقة من قبل البحارة و أولئك الذين شاركوا في الأبحاث البحرية لوصف هذه المساحة من المياه التى تبلغ 20.3 مليون كيلومتر مربع تقريبا و لفترة طويلة اختلف الجغرافيين حول أماكن حدوده الشمالية أو حتى انكار وجوده بالإساس معتبرين أنه جزء من مياه المحيطات الثلاثة الكبرى الا أن أغلبهم قد أتفقوا على أن حدوده هى المنطقة التى تختلط فيها المياه الباردة القادمة من القطب الجنوبي تجاه الشمال مع المياه الدافئة الموجودة فى الدائرة القطبية الجنوبية و على مدار الثلاثين عامًا الماضية يتعرض ذلك المحيط لعدد من التهديدات الناتجة عن ظاهرة الإحتباس الحرارى و انتشار الملوثات و ثقب الأوزون و الذين أسهموا بحدوث تغيرات مناخية سريعه أدت إلى حدوث تغييرات في النظام البيئي البحري الخاص به و هو الأمر الذى يستلزم تدخل العديد من الدول لعقد مجموعة من الإتفاقيات العاجلة لمحاولة وضع أسس للحد من تلك المخاطر .
المحيط الجنوبي تاريخيا
يرتبط تاريخ هذا المحيط ارتباطًا جوهريًا بالنقاش حول تسميته كمحيط مستقل مما يؤثر على اسمه حيث ظهر اسم المحيط المتجمد الجنوبي لأول مرة بعد أن ابتكره الرحالة الأسبانى “فاسكو نونيز دي بالبوا” و الذى كان أول أوروبي يقوم بإكتشافه ثم ظهر الإسم بشكل رسمي عام 1937 حين صدرت الطبعة الثانية من اصدار المنظمة الهيدروغرافية الدولية لحدود المحيطات و البحار الا انه في الطبعة الثالثة التي نُشرت عام 1953 كان ذلك المصطلح مفقودًا حيث شعرت المنظمة الهيدروغرافية الدولية أنه من الخطأ تعريفه في هذا الوقت من التاريخ بعد أن كان هناك شعور بأنه يجب تعريف المحيط على أنه “مياه تحيط بها الأرض” و ليس “مياه تحيط بالأرض” .
و فى عام 2000 تمت إعادة النظر في مسألة المحيط الجنوبي و بأغلبية أصوات أعضاء اللجنة حيث تم اختيار مصطلح “المحيط الجنوبي” على “المحيط المتجمد الجنوبي” الذى كان شائع الإستخدام فى ذلك الوقت كما قررت الغالبية أيضًا أنه يجب تعريف ذلك المحيط على أنه ينتهي عند خط عرض 60 درجة مقابل رأي للأقلية التى صوتت بأن يكون خط الترسيم عند خط عرض 35 درجة جنوبا .
و بالنسبة لتعريفه و حدوده فهو يختلف فى “أستراليا” حيث تظهره السلطات فى خرائطها بأنه يشمل كامل المسطح المائي الذى يقع بين القارة القطبية الجنوبية و السواحل الجنوبية لأستراليا و نيوزيلندا و ما يصل إلى 60 درجة جنوبًا في أي مكان آخر .
المحيط الجنوبي جغرافيا
يقع المحيط الجنوبي في أقصى حافة نصف الكرة الجنوبي و بالتالي يتأثر بشدة بالتأثير الموسمي للشمس على وجه الخصوص فخلال الأشهر الباردة عندما لا تشرق الشمس مباشرة على المحيط تذوب كتل الجليد إلى متوسط منخفض يبلغ 2.6 مليون كيلومتر مربع و عندما تبتعد الشمس عن المحيط تنخفض درجات الحرارة و تعيد حزم الجليد البناء مجددا و يتميز المحيط ككل بجرف قاري ضيق و عميق و يتراوح متوسط أعماقه ما بين 4000 و 5000 متر .
و يحتوى ذلك المحيط على مجموعة من البحار و المضائق و هم بحر ويدل و هو الأكبر من حيث المساحة و بحر الملك هاكون السابع و بحر لازاريف و بحر ريزر-لارسن و بحر رواد الفضاء و بحر التعاون و بحر ديفيس و بحر موسون و بحر دومونت دورفيل و بحر سوموف و بحر روس و هو الأصغر من حيث المساحة و بحر أموندسن و بحر بيلينجسهاوزن و جزء من ممر دريك و مضيق برانسفيلد و جزء من بحر سكوتشيا .
المحيط الجنوبي جيولوجيا
يعتبر العديد من علماء المحيطات المحيط الجنوبي هو أصغر محيطات العالم التي تشكلت قبل 30 مليون سنة فقط حيث تكون نتيجة للحركة التكتونية و تحديداً عندما انفصلت القارة القطبية الجنوبية و أمريكا الجنوبية عن بعضهما البعض خلال المراحل الأولى من تطور كوكب الأرض و عندما انفصلت الصفيحتان عن بعضهما فتحتا “ممر دريك” مما سمح للتيار القطبي بالبدء في التكون و الذى يعتبر سمة مميزة للمحيط المتجمد الجنوبي حيث يساعد في الحفاظ على تدفق المياه حول قارة أنتاركتيكا كما أنه يلعب دورًا مهمًا في الجدل الدائر حول تسميته كمسطح مائي مستقل بنفسه حيث يرى العلماء الذين يعتقدون أنه يستحق لقبه أن ذلك التيار يفصل مياهه عن مياه المحيط الأطلسي أو المحيط الهادئ بينما يرى الفريق الأخر أنه على العكس يعقد قضية التسمية من خلال عدم اقتصار المياه على منطقة جغرافية معينة لأنه يؤثر و يتأثر بطبيعة المناخ المحيط به .
خصائص المحيط الجنوبي
الملوحة
يعتبر المحيط الجنوبي أقل ملوحة من جميع المحيطات الأخرى باستثناء المحيط المتجمد الشمالي حيث يبلغ متوسط الملوحة فيه أقل من 34 جزء من الألف و ذلك نتيجة ذوبان الجليد و هطول الأمطار و حدوث اختلافات كبيرة في درجة التشمس (معدل إيصال الطاقة الشمسية) و تدفق الطاقة نتيجة الغطاء الجليدي البحري .
المناخ
تتراوح درجات حرارة المحيط الجنوبي بين -2 إلى 10 درجات مئوية و غالبًا ما تتعرض تلك المنطقة لعواصف تشبه الأعاصير التي تنتج بسبب التباين في درجات الحرارة بين الجليد و المحيط المفتوح و هذه العواصف قاسية جدًا لأي بحارة أو سفن بحرية تعبر من خلالها نظرا لأنها رياح قوية للغاية عن أي مكان أخر على وجه الأرض اضافة الى احتوائه على كثير من الجبال الجليدية التى تشكل تهديدا لحركة الملاحة طوال العام و التى قد يمتد بعضها لمئات الأمتار لذلك يجب أن على السفن البحرية المارة أن تكون حذرة جدا أثناء الإبحار فى ذلك المكان .
المحيط الجنوبي إقتصاديا
يستخدم المحيط الجنوبي بشكل شائع كوسيلة للوصول إلى حقول البترول و الغاز الطبيعي الموجودة على الحواف القارية به كما أنه يحتوى على العديد من مصادر الطاقة و الثروات المعدنية فضلاً عن وجود بعض من أساطيل الصيد فيه حيث يتوفر فى مياهه ثروة سمكية هائلة متمثلة فى مجموعة متنوعة من الأسماك التى تباع فى الأسواق العالمية حيث كان ناتج الصيد فيه خلال الفترة ما بين عامى 1998-1999 أكثر من 120 طن بالاضافة الى احتوائه على العديد من الكائنات البحرية الأخرى مثل الحبار و الحيتان و الثدييات البحرية كما تحتوي الجبال الجليدية التي تتشكل كل عام في المحيط الجنوبي على ما يكفي من المياه العذبة لتلبية احتياجات كل شخص على الأرض لأشهر و لعدة عقود كانت هناك مقترحات لم يكن أي منها مجديًا أو ناجحًا تتمحور حول جر تلك الجبال الجليدية إلى مناطق شمالية أكثر جفافاً مثل “أستراليا” بحيث يمكن الاستفادة منها .
التهديدات الواقعة على المحيط الجنوبي
يواجه المحيط الجنوبي العديد من التهديدات لنظمه البيئية البحرية الطبيعية و يعتبر التهديد الأول و الأكبر للتوازن الدقيق للمناخ فيه هو تدفق الأشعة فوق البنفسجية القادمة إلى المحيط من ثقب الأوزون الموجود في القطب الجنوبي و مع استمرار توسعه سوف تزداد مستويات تلك الأشعة مما سيقلل من إنتاجية العوالق النباتية كما أن هناك تهديد مهم آخر للنظام البيئي البحري و هو الصيد الجائر غير المنظم و الذى يؤثر بالسلب على مخزون المحيط من الثروة السمكية .
و يخضع ذلك المحيط لجميع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمحيطات العالم بالإضافة لاتفاقيات خاصة به مثل حظر صيد الحيتان و اتفاقية الحد من صيد الفقمة و حظر استكشاف الموارد المعدنية و استغلالها جنوب الجبهة القطبية المتقلبة التي تقع في منتصف التيار القطبي الجنوبي و تعمل كخط فاصل بين المياه السطحية القطبية شديدة البرودة في الجنوب و المياه الأكثر دفئًا في الشمال .