الدب القطبي حيوان ثديي يعيش علي الجليد و الثلوج في مناطق التندرا المتجمدة و رغم صعوبة الحياة في تلك الأجواء إلا أن لديه القدرة علي التكيف معها من خلال وسائل رائعة تجعله دافئًا طوال الوقت حيث يمتلك طبقة خارجية من الشعر الواقي الطويل الذي يلتصق ببعضه البعض عندما يكون مبللاً و الذي يعمل علي حماية طبقة سفلية كثيفة و سميكة من الفراء و على الرغم من أن الدب القطبي يبدو أبيض اللون إلا أن شعره يتكون في الواقع من أنابيب شفافة مجوفة مملوءة بالهواء و هو ما يؤدي إلي ظهور فراءة باللون الأبيض و أحيانا الأصفر أو الوردي في أضواء القطب الشمالي كما يمتلك في جسده طبقة من الدهون يتراوح سمكها ما بين 5 إلي 10 سنتيمترات و التي تعد بمثابة مخزون إحتياطي من الغذاء حال عدم توفره في البيئة المحيطة كما تمتاز تلك الطبقة بقدرتها على توليد الحرارة للمساعدة في عزله عن الهواء المتجمد أو الماء البارد بالإضافة إلي مساعدته أيضًا على الطفو في الماء.
و يعتبر الدب القطبي هو الأحدث من بين أنواع الدببة الثمانية و يعتقد العلماء أنه تطور منذ حوالي 200 ألف سنة من أسلاف الدببة البنية حيث يعتبر كلا النوعين من أكبر الحيوانات آكلة اللحوم على الأرض و يتفق معظم الخبراء على أن الدببة القطبية هي أطول أنواع الدببة بعد أن وصل طول الذكور إلى أكثر من 3 أمتار عند الوقوف على أرجله الخلفية التي تحتوي علي نتوءات صغيرة تساعده في المشي بثبات كما أن الفراء القاسي الموجود على باطن كل قدم يساعد علي منعه من الانزلاق على الجليد إضافة إلي كتم صوت إقترابه عند تسلله من فقمة نائمة و عندما لا يقوم بالصيد يستريح لمدة تصل إلى 20 ساعة في اليوم من أجل تحقيق تلك الراحة يعتبر الدب القطبي صانع أسرة رائعة حيث يبنيها من الأعشاب البحرية المتراكمة علي الساحل بشكل يشبه الأعشاش أو يقوم بحفر كهوفًا عميقة من الثلج في المنحدرات أو يستريح في سرير ثلجي ضحل و يترك الثلوج المتساقطة لتغطيته بشكل يجعله وكرًا مريحًا أثناء النهار .
و على عكس الدببة البنية و السوداء لا يدخل الدب القطبي في حالة سبات و لكن تقوم الإناث الحوامل فقط بقضاء فصل الشتاء في أوكارها و أثناء وجودها ينخفض مستوى نشاطها و يتباطأ تمثيلها الغذائي و خلال تلك الفترة تلد و ترضع صغارها و في بعض الأحيان عندما تكون الظروف الجوية قاسية بشكل خاص قد تقوم الدببة الأخرى بحفر ملاجئ مؤقتة حيث تقضي عدة أيام في المرة الواحدة كما أنها تقضي أيامها في الصيد و النوم بعد تناول وجبة جيدة و هي حيوانات تعيش في جميع أنحاء القطب الشمالي و تحديدا في المناطق التي يمكن فيها إصطياد الفقمات الموجودة في الشقوق الواسعة بالجليد البحري .
و يعد الإسم التصنيفي المعروف عن الدب القطبي هو ” أورسوس مارتيموس ” و الذي يعني الدب البحري و هو إسم مناسب لهم نظرا لأنهم يسبحون أكثر من 100 كيلومتر دون راحة بحثًا عن الطعام مستخدمين أقدامهم الأمامية العريضة للتجديف و أرجلهم الخلفية مثل الدفة للتوجيه و لسوء الحظ حين يذوب الجليد يتعين على الدببة السباحة لمسافات أطول تصل إلى بضع مئات من الكيلومترات مما يؤثر سلبًا على الطاقة و تخزين الدهون لديه و خلال فصل الشتاء القاسي و الطويل يستمر معظمهم بإستثناء الإناث الحوامل في إصطياد الفقمات و عندما يكون الطقس شديد البرودة و يصبح الصيد مستحيلًا تبحث الدببة حينها عن مأوى مؤقت في أوكار الثلج حتى تتحسن الظروف و هو معروف عنه أنه خلال تنقله يستهلك ضعف الطاقة التي تستهلكها معظم الثدييات الأخرى في بيئتها القطبية الشمالية و هو السبب الرئيسي في تفضيلهم للراحة بشكل متكرر و إصطيادهم للفقمات بإستخدام تقنيات الكمين بدلاً من مطاردتها .
و تبقي أنثي الدب القطبي في وكر ثلجي طوال فترة حملها و ولادة صغارها و في الأشهر القليلة الأولى من حياة الأشبال دون مغادرة الوكر حيث تسمح لها التغييرات في عملية التمثيل الغذائي لديها بالبقاء بدون طعام أو ماء أو تغوط أو تبول لمدة تصل إلى ثمانية أشهر بعكس باقي الثدييات الذي يكون الصيام أثناء الحمل بالنسبة لها مهددًا للحياة لكن أنثى الدب القطبي تكتسب قدرًا هائلاً من الوزن قبل أن تستقر حيث توفر إحتياطياتها من الدهون المخزنة كل الطاقة التي تحتاجها لإعالة نفسها و أشبالها .
و يمتاز الدب القطبي بأنه صياد قوي و شرس كما أنه ذكي و صبور جدا و يتغذي بشكل أساسي على الفقمات و يمكن خلال صيده أن يظل بلا حراك لساعات فوق فتحة تنفس الفقمة في الجليد في إنتظار ظهورها و يعتمد في تحديد أماكنهم علي أنفه لإمتلاكه حاسة شم قوية جدا لدرجة أنه يمكنه شم رائحة فقمة على الجليد علي بعد 32 كيلومترًا و شم وكرها المغطى بالثلوج على مسافة تصل إلى 1.6 كيلومترا لذلك لا عجب أن الكثير من الناس يسمونهم “أنوف بأرجل!” كما يستطيع أن يري جيدًا تحت الماء حيث يرصد الوجبات المحتملة على بعد 4.6 متر و تمتاز أعينهم بإمتلاك جفن ثالث يسمح لهم بالرؤية تحت الماء و لحمايتها أثناء هبوب الثلوج .
و تعتبر الفقمة الحلقية هي الفريسة الرئيسية التي يتغذي عليها الدب القطبي نظرا لأنها الأكثر عددًا في القطب الشمالي كما أنها تتميز بقدرتها علي تزويده بالطاقة الكافية لمدة 11 يومًا و عادة ما تصطادها الدببة القطبية و تتغذي عليها كل أربعة أو خمسة أيام و بجانب الفقمات من الممكن أن يتغذي علي أي شيء تقريبًا إذا أتيحت له الفرصة مثل الوعول و الحيتان الشاطئية و الأعشاب البحرية و لكن هو يفضل تلك الفقمات تحديدا لأنه نظام غذائي غني بالسعرات الحرارية بعكس الباقين .
و الدب القطبي حيوان مرح و ذكي للغاية كما أنه إجتماعي حيث يشكل إثنان أو أكثر من الدببة “صداقات” تدوم لأسابيع أو حتى سنوات و تتصارع هذه الدببة فيما بينها كشكل من أشكال اللعب و قد تتغذى و تسافر معًا و لوحظ أن الدب القطبي الفردي ينزلق بشكل متكرر إلى أسفل التل أو عبر الجليد دون سبب واضح سوى للمتعة فقط كما أنها في العموم هادئة إلي حد ما و تصدر الإناث و الأشبال في العرين طنينًا نابضًا و تكون هذه المكالمات أكثر تكرارًا في الأشهر القليلة الأولى للأشبال التي تقوم أيضًا بإجراء نداءات مكتومة لبعضها البعض و هو أمر نادر الحدوث في الدببة البالغة و تعتمد الهيمنة بين الدببة على الحجم و لكن في الغالب يتصرف كل فرد بشكل مستقل و يمتلك الدب القطبي نطاقات موطن كبيرة و متداخلة و تعد وفية للمناطق الجغرافية العامة لكنها لا تدافع عن الأراضي و يبدأ موسم تكاثر الدببة القطبية ما بين شهر مارس إلى منتصف شهر يوليو تقريبًا حيث يبدأ الذكور البالغين في البحث عن شركاء لهم و يرجح علماء الحفاظ على البيئة أن الذكور يستشعرون رائحة الأنثى في آثار الأقدام التي تتركها في الثلج و بمجرد أن يجد الذكر الأنثى المناسبة يبقيان معا لمدة أسبوعين تقريبًا.
و خلال التزاوج لا تنغرس بيضة الدب القطبي المخصبة أو تتطور على الفور لكن بدلاً من ذلك يتم غرسها عندما تحفزها حالة جسم الأنثى و العوامل البيئية المحيطة و غالبًا ما يحدث ذلك بين شهري سبتمبر و نوفمبر و يُعرف هذا بإسم تأخر الزرع و هو تكيف يضمن ولادة الأشبال لأمهات أصحاء في وقت من العام تكون فيه فرص بقائهن على قيد الحياة أكبر حيث تحفر الأنثى الحامل وكرًا للولادة و الذي يكون عادةً في ضفة ثلجية خلال شهري أكتوبر أو نوفمبر و لا يكون حجم الوكر في أغلب الأحيان أكبر من كشك الهاتف لكن يمكن أن تكون درجة حرارته في الداخل أكثر دفئًا بحوالي 40 درجة عن الخارج ثم تلد الأنثى من واحد إلى ثلاثة أشبال في ديسمبر أو يناير و الذين يزنون عند ولادتهم 0.45 كجم و يكونون خالين من الشعر و أعينهم مغلقة و يعتمدون على الأم من أجل الرضاعة و لإبقائهم دافئين حيث يحتوي حليب أمهات الدببة القطبية على 36% من الدهون و هذا يساعد الأشبال على النمو بسرعة و بحلول شهر أبريل يصل وزنهم إلى أكثر من 9 كجم و يبدأون في الإستكشاف مع أمهم خارج العرين و في عمر السنتين تقريبًا يصبحون مستعدين للإعتماد على أنفسهم.
و تشير التقديرات إلي أن هناك ما بين 22000 إلى 27000 دب قطبي في جميع أنحاء القطب الشمالي حيث يتكيفون بشكل فريد مع الحياة على الجليد البحري في المحيط المتجمد الشمالي و قد جاب لآلاف السنين المنطقة القطبية الشمالية الشاسعة دون إزعاج نسبيًا من الأنشطة البشرية و مع ذلك فقد أدى تغير المناخ الناجم عن الإحتباس الحراري إلى خلق أزمة في الحفاظ على الدببة القطبية و أصبح إستمرارها معرض للخطر بسبب فقدان الجليد البحري بشكل قياسي مع زيادة النشاط البشري على نطاق صناعي لذلك في المناطق التي يذوب فيها الجليد البحري تمامًا يجب على الدببة القطبية أن تتحرك إلى الشاطئ في فصل الصيف و يقومون بالبحث عن الطعام لتجنب المجاعة أو قد يصومون حتى يتشكل الجليد مرة أخرى و في بعض الأماكن تعلمت هذه الدببة تناول الطعام من مقالب القمامة و هو ما قد يجعلهم عرضة للتسمم لذلك نستطيع القول أن إتصال الدببة مع البشر يمكن أن يكون وضعًا خطيرًا لكل منهم .
بطاقة تعريف
- الفئة : ثدييات .
- الترتيب :كارنيفورا .
- العائلة : أورسيداي .
- الجنس : أورسوس .
- النوع : مارتيموس .
- العمر : متوسط العمر المتوقع هو 24.2 سنة للإناث و 20.7 سنة للذكور .
- فترة الحمل : مع تأخر الزرع يمكن أن يستمر الحمل من 6.5 إلى 7.1 أشهر و مدة الحمل الفعلية للجنين حوالي 60 يومًا .
- عدد الصغار عند الولادة : 1 إلى 3 و الأكثر شيوعا 2 .
- سن الرشد : الإناث من 5 إلى 6 سنوات و الذكور من 10 إلى 11 سنة .
- الطول : (الرأس و الجسم) يبلغ معظمه حوالي 1.8 إلى 2.7 متر أما الإرتفاع فيقترب معظمهم إلي حوالي 1.7 متر عند الكتف.
- الوزن : يتراوح وزن معظم الإناث من 150 إلى 250 كيلوجرامًا و الإناث الحوامل أكثر من 453 كيلوجرامًا أما بالنسبة إلي الذكور فيتراوح من 300 إلى 635 كيلوجرامًا و أضخم وزن تم تسجيله 770 كيلوجرامًا .
معلومات سريعة عن الدب القطبي
- أساس حياة الدب القطبي هو أن تبقى دافئة في بيئتها الباردة لذلك في بعض الأحيان قد ترتفع درجة حرارتها إلي أعلي من الحد المسموح به و هو ما يضطرها إلي التبريد في الماء البارد.
- لتنظيف فرائها تتدحرج الدببة القطبية في الثلج.
- يستطيع الدب القطبي السباحة بسرعة تصل إلى 9.5 كيلومتر فى الساعة .