البولينج هي لعبة ترفيهية يتم فيها دحرجة كرة ثقيلة عبر ممر طويل و ضيق بإتجاه مجموعة من القطع الخشبية القريبة الشبه من الزجاجات يطلق عليها إسم الدبابيس بغرض حصد أكبر عدد ممكن منها عن المنافس و هي رياضة تمارس علي عدة أشكال إلا أن أشهرها ذات العشرة دبابيس و تعتبر البولينج في الوقت الراهن واحدة من أبرز الألعاب الشعبية في بعض من البلدان حيث تشير الإحصائيات إلي أن عدد ممارسيها في جميع أنحاء العالم قد بلغ 120 مليون شخص منتشرين علي نطاق واسع في 90 دولة أبرزها الولايات المتحدة التي بها 70 مليون شخص أما الباقين فموزعين علي كندا و أوروبا الغربية و شرق آسيا و أستراليا و نيوزيلندا و أمريكا اللاتينية و لذلك أصبحت تنظم لها العديد من البطولات علي الصعيد الوطني التي تكون تحت إشراف الإتحادات المحلية و الدولي تحت إشراف الإتحاد الدولي الذي يعتبر الهيئة الحاكمة للعبة و المسئول أيضا عن وضع اللوائح و القوانين المنظمة لها .
ما هو تاريخ لعبة البولينج ؟
كان من الواضح أن لعبة البولينج لها جذور تاريخية قديمة بعد أن تم العثور علي برديات داخل مقبرة لطفل مصري يرجع تاريخها إلي حوالي 3200 قبل الميلاد و شملت تسعة قطع من الأحجار تم وضعها على هيئة دبابيس و دحرجة كرة حجرية نحوها و كانت تشق طريقها عبر ممر مصنوع من ثلاث قطع رخامية و بعد مرور قرون بدأ الترجيح بأن لعبة البولينج الحديثة قد نشأت في “ألمانيا” القديمة و لكن ليست لغرض الرياضة بل للإحتفالات الدينية ففي وقت مبكر من القرن الثالث أو الرابع بعد الميلاد و خلال الطقوس التي كانت تُقام في أروقة الكنائس كان أبناء الرعية يمارسون نشاط يطلق عليه إسم ” الكيجل ” و هي ممارسة دينية تقام في مدرج يشبه حارة البولينج الحديثة و فيها يتم دحرجة حجر كروي نحو الكيجل الذي يمثل ما يطلقون عليه إسم “الهايد” أو الأوثان و عند أسقاطه بنجاح يكونوا بذلك قد طهروا أنفسهم من الخطيئة و حتى اليوم يطلق على لاعبي البولينج هناك اسم كيجلرز.
و مع مرور الوقت إزداد حجم الحجر ليصبح مثل الكرة و في النهاية أصبح مصنوع من الخشب كما تم تطوير العديد من الأشكال المختلفة للعبة حيث كان بعضها يلعب بثلاثة دبابيس و البعض الآخر بما يصل إلى 17 و تشير بعض من المراجع التاريخية إلي أنه كان هناك عيد كبير يقام في مدينة “فرانكفورت” في منتصف القرن الخامس عشر و كان يعقب تناول العشاء المكون من لحم الغزال ممارسة لعبة البولينج كما توجد تدوينات تشير إلي أنه عام 1325 كانت تلك اللعبة تمارس كنوع من المقامرة في مدن “برلين” و “كولونيا” على خمسة شلنات و قال المؤرخين أن رجل الدين ” مارتن لوثر ” الذى عاش في القرن السادس عشر بنى ممرًا للبولينج لأطفاله و أحيانًا كان أول من يرمي الكرة و خلال الفترة ما بين القرنين الخامس عشر و السابع عشر أنتشرت اللعبة في البلدان المنخفضة و كذلك في “النمسا” و “سويسرا” و كانت أسطح اللعب عادة مكونة من الرماد أو الطين الذي يتم معالجته بشكل خاص من خلال تحميصه في الشمس الذي يجعله صلب مثل الخرسانة ثم تحولت تلك الأسطح لتكون من الخشب أو الطين الصلب ثم الأسفلت في السنوات اللاحقة كما كان يتم تسقيف الممرات حتي تمارس في جميع الأحوال الجوية و على مدار الساعة و من قارة أوروبا أنتقلت اللعبة إلي قارة أمريكا الشمالية و لكن يوجد إرتباك حول كيف و متى جائت لعبة البولينج إلي العالم الجديد حيث تقول بعض الترجيحات بأنها كانت علي يد المستوطنين البريطانيين الأوائل بينما تقول ترجيحات أخري بأن الفضل في ذلك يرجع إلي المستكشفين الهولنديين بقيادة “هنري هدسون” و الذين كانوا قد أحضروا شكلاً من أشكال لعبة البولينج و لكن علي أي حال كانت أول إشارة عن لعبة البولينج في “الولايات المتحدة” من قبل الكاتب “واشنطن إيرفينج” في قصته القصيرة “ريب فان وينكل” في القرن التاسع عشر .
و تضمنت لعبة البولينج العديد من الأشكال التي كانت تمارس في أوروبا منها دحرجة كرة على لوح خشبي عرضه يتراوح ما بين 30 إلى 46 سم و بطول 18 إلى 27 مترًا و نحو تسعة دبابيس تتخذ شكل ماسة و إلي الأن لا يزال من الممكن العثور على ذلك اللوح الخشبي في عدد من المناطق الأوروبية و لا سيما في دول أوروبا الشرقية التي تحظى فيها ألعاب البولينج الأخري و المعروفة باسم “بوهل” و “إسفلت” و “شيري” بشعبية كبيرة و رغم تشابهها مع لعبة البولينج التقليدية بشكل كبير إلا أن الدبابيس التسعة يكونون أصغر في الحجم عن المتعارف عليه كما أن الكرة بدون ثقوب للأصابع و تثبت في راحة اليد أما في “هولندا” فتوجد لعبة يطلق عليها إسم “بلانك” و فيها يتم فيها دحرجة كرة كبيرة بها فتحة للإبهام فقط على لوح باتجاه الدبابيس التسعة .
و بحلول منتصف ثلاثينيات القرن التاسع عشر و مع إزدهار لعبة البولينج أصبحت الآفة التي أصابت اللعبة في ” الولايات المتحدة ” و “ألمانيا” و “فرنسا” و ” المملكة المتحدة ” و بلدان أخرى أنها أرتبطت بالمقامرة و لمكافحة هذه المشكلة بدأت عدد من الولايات الأمريكية في حظرها إلا أنه في باقي الأماكن أستمرت ممارستها و أصبحت شائعة جدا إلا أن الافتقار إلى قواعد اللعب الموحدة و مواصفات المعدات قد أعاق تطور اللعبة و في عام 1875 أنشأ ممثلين عن تسعة نوادي في لعبة البولينج بمدينة نيويورك و بروكلين “جمعية البولينج الوطنية” الا أنها لم تلقي القبول الوطني الكافي علي الرغم من أن عدد من قوانينها لا تزال تعمل و إن طالتها بعض من التعديلات .
تنظيم اللعبة
أستمر الخلاف حول قواعد اللعبة بشكل أساسي ما بين نيويورك و الولايات الأخري و في 9 سبتمبر عام 1895 تم تنظيم مؤتمر البولينج الأمريكي (ABC) في مدينة “نيويورك” و الذي منه تم تطوير القواعد و معايير المعدات و أستمرت اللعبة كما تم تنظيمها دون أي تغيير بشكل أساسي علي الرغم من نمو الرياضة بشكل مطرد و لكن مع التطور التكنولوجي المبكر ساهم ذلك في تقدمها من خلال إدخال الكرة المطاطية الصلبة في عام 1904 بعد أن كانت الكرات السابقة مصنوعة من الخشب الإستوائي المتين و لكنه غالبًا ما كان يتكسر أو يفقد شكله ثم كان التقدم الكبير التالي هو إدخال آلة ضبط الدبابيس الأوتوماتيكية في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي و في وقت لاحق تم تطوير الكرات لتصنع من البوليستر و اليوريتان .
و بالعودة إلي عام 1901 بدأت ABC بطولتها الوطنية ثم تم تنظيم المؤتمر الدولي للبولينج النسائي (WIBC) عام 1916 و تم إجراء بطولات وطنية منتظمة و بشكل سنوي إعتبارًا من عام 1917 و في حين أن ABC و WIBC هما منظمتان مستقلتان إلا أنهما يتشاركان في عدد من المهام مثل إختبار المعدات و الإصدار المشترك لأوراق الإعتماد للبطولات المختلطة ثم بعد ذلك ظهرت منظمة ثالثة عام 1982 و هي ” إتحاد لاعبي البولينج للشباب الأمريكي ” YABA و المعنية بتدبير إحتياجات لاعبي البولينج الصغار حتى سن الكلية و أصبحت معظم بطولات دوري الرجال و السيدات مكونة من ثمانية إلى 12 فريقًا و بعضها قد يضم 40 فريقًا أو أكثر إعتمادًا على عدد الممرات في مركز البولينج و يتم إجراء البطولة وفقًا للقواعد التي وضعتها المنظمات الرئيسية الثلاث بما في ذلك التعامل مع أموال الجوائز حيث يتم تمويل أموال الجائزة من رسوم دخول المتسابقين و توزع على مختلف الفرق و الأفراد على أساس الأداء و نظرا لإزدياد شهرة لعبة البولينج كان من الضروري تنظيم رابطة الرماة المحترفين الأمريكية (PBA) عام 1958 و التي طورت نظامًا للبطولة على غرار الجولف و كانت جوائزها السنوية أكثر من مليون دولار أمريكي ثم نما هذا الرقم إلى أكثر من 7 ملايين دولار أواخر الثمانينيات ثم أنخفض مجددا إلي 4 مليون دولار أوائل القرن الحادي و العشرين أما علي الجانب الأخر بدأت جمعية الرماة المحترفات للسيدات عملها عام 1959 إلا أنها بطولاتها لم تكن قوية بالقدر الكافي مثل الرجال .
أما في باقي دول العالم أصبحت لعبة البولينج ذات العشرة دبابيس شائعة في بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية عندما تم إنشاء مئات الممرات لتلك اللعبة داخل القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة علي الأراضي البريطانية و عندما بلغت البولينج داخل “الولايات المتحدة” ذروتها في منتصف الستينيات بدأ مصنعي المعدات في البحث في أماكن أخرى في أسواق جديدة و بمساعدة من ABC تم تشكيل جمعية البولينج البريطانية عام 1961 و بنفس المساعدة من ABC حذت “أستراليا” حذوها ثم أنضمت “المكسيك” لاحقا و تلتها دول أخري من أمريكا اللاتينية و بحلول أوائل السبعينيات أنتقل إزدهار لعبة البولينج إلى “اليابان” و لكن علي عكس أمريكا كانت اللاعبات اليابانيات أكثر شعبية من الرجال و أصبحت لعبة البولينج مشهورة في مناطق آسيوية أخرى بما في ذلك هونج كونج و تايلاند و سنغافورة و كوريا و إندونيسيا .
و بالنسبة للبطولات علي الصعيد الدولي فتشير الوثائق إلى أن أول مسابقة دولية كانت قد أقيمت في مدينة “هانوفر” الألمانية في وقت مبكر من عام 1891 كما كان مالكي ومروجي لعبة البولينج الأوائل في مدينة “نيويورك” مفتونين بفكرة اللعب الدولي لدرجة أنهم رعوا حدثًا في “يونيون هيل” بولاية “نيوجيرسي” عام 1900 بمشاركة بعض الفرق من “كندا” و في عام 1923 قامت مجموعة من لاعبي البولينج الأمريكيين بجولة في “السويد” و هزموا من قبل مضيفيهم و في عام 1926 تكررت تلك المباريات بين المنتخبين مع فارق أنه تم إنضمام فرق من “الدنمارك” و “فنلندا” و “النرويج” و “هولندا” و “ألمانيا” إلى السويديين و الأمريكيين لتشكيل إتحاد البولينج الدولي و في عام 1929 أقاموا ما أصبح يسمى بالبطولة الدولية الثالثة التي أقيمت مرة أخرى في “السويد” تلاها البطولة الرابعة التي أقيمت في مدينة “نيويورك” عام 1934 و أستضافت “ألمانيا” البطولة الأممية الخامسة عام 1936 و لكن لم تكن لها أي علاقة بدورة الألعاب الاولمبية التي نظمت في “برلين” من نفس العام ثم كان الإجتماع الدولي الأخير الذي نتج عنه تشكيل ” الإتحاد الدولي للرماة ” (FIQ) عام 1952 بغرض تنسيق المنافسة الدولية للهواة و يقع مقره الرئيسي في “هلسنكي” و يضم 70 دولة عضو حيث أقيمت أول بطولة عالمية لـ FIQ في نفس المدينة عام 1954 و إبتداء من 1967 أصبحت تقام تلك البطولة كل أربع سنوات و هي تقام في ثلاث مناطق – أمريكية و أوروبية و آسيوية و تتكون تلك المنظمة من أربعة أقسام و يعتبر القسم الرئيسي منها مخصص لعشرة دبابيس أما الثلاثة أقسام الأخرى فهي لألعاب الكرة الصغيرة مثل شيري و بوهل و الأسفلت و تحصص مسابقة FIQ للاعبين الغير محترفين و توزع الميداليات الذهبية و الفضية و البرونزية لأصحاب المراكز الأولي و نظرا لشعبية رياضة البولينج فقد تم قبولها كرياضة إستعراضية في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1988 بمدينة “سيول” في “كوريا الجنوبية“.
كيف تمارس لعبة البولينج
يتم ممارسة لعبة البولينج وفقًا لقواعد و مواصفات محددة حيث تُلعب في الداخل على ممرات خشبية أو صناعية بأبعاد قصوى يبلغ طولها 19.17 مترًا و عرض 107 سم و يجب أن يكون السطح مطلي بالورنيش أو مادة من البلاستيك و يكون خاليًا من الأخاديد المستمرة و يجب أن يكون مستوي بشكل مثالي كما يوجد خط لا يجوز للاعب تجاوزه عند إلقاء الكرة إلى مركز البقعة التي تقف عليها الدبابيس و يكون عددها عادة 10 و يبلغ طول الدبوس الواحد 38 سم و ترتب علي شكل مثلث و يكون الدبوس رقم 1 في رأس التشكيل هو الذي يواجه الرامي و يكون مسافة مركزه إلي أطرافه 30.5 سم و هي تحتوي على لب خشبي مصفح و مغطى بطبقة بلاستيكية و يتراوح وزنها ما بين 1.6 و 1.7 كيلوجرام أما بالنسبة إلي الكرة فهي من تركيبة غير معدنية ( إما مطاط صلب أو بوليستر أو يوريتان ) و بمحيط 68.6 سم و تزن 7.3 كجم و لا يوجد حد أدنى للوزن .
و توجد للعبة البولينج عدد من المصطلحات أثناء اللعب و هي ” سترايك ” و تقال حين يتم إسقاط كل القطع الخشبية من المحاولة الأولي و ” سبير ” إذا أسقطت جميعها من المحاولة الثانية و ” سبليت ” إذا تم إسقاط القطعة الأقرب إليك لكن لم تستطيع إسقاط قطعتين أو أكثر غير متجاورتين من المحاولة الاولي و ” تركي ” حال نجحت في تسجيل ثلاث ” سترايك ” علي التوالي ” و في حالة بقاء أي قطع خشبية بعد إنتهاء الرميات تكون في تلك الحالة ” دور مفتوح ” .
و تمارس اللعبة من خلال وضع عشرة دبابيس أمام الرامي علي الممر و تعتبر الرمية المثالية هي إسقاط جميع الدبابيس من أول رمية و إذا تُركت بعضها يتم إزالة الدبابيس المسقطة و إلقاء رمية أخري و يحسب لكل دبوس مسقط نقطة و لكن إذا أحرز لاعب ” سترايك ” أو ” سبير ” فتوجد قواعد جديد تتمثل في أنه في حالة “سبير” يجب أن يضع شرطة مائلة في ورقة نتيجته و بعد مرور دوره التالي يحصل على 10 نقاط إضافةً إلى عدد القطع التي أوقعها بهذا الدور فعلي سبيل المثال إن أوقع اللاعب 3 قطع في الدور الأول يحصل على 13 نقطة قبل دوره الثاني و إذا أوقع قطعتين في دوره الثاني يحصل على إجمالي 15 نقطة بتلك الجولة أما حال إحرازه ” سترايك ” فيكتب X في ورقة النتيجة و يربح 10 نقاط إضافةً إلى عدد القطع التي يوقعها بالدورين التاليين بالجولة القادمة و تعتبر أقصى نتيجة يمكن أن يحرزها اللاعب في مباراة واحدة هي 300 نقطة و هو ما يمثل 12 “سترايك” على التوالي أو 120 قطعة تم إيقاعها في 12 دور و يعد تخطي الخط الغير مسموح بمروره خطأ يؤدي ذلك إلى فقدان جميع الدبابيس التي سقطت في تلك الرمية كما توجد أحواض منخفضة على كل جانب من الممر و حين تسقط الكرة فيها ينتج عن ذلك خسارة الرمية .