الأمطار ظاهرة طبيعية و تُعرف بأنها تساقط لقطرات ماء يزيد قطرها عن 0.5 ميليمتر من الغيوم المشبعة ببخار الماء و تعد أحد المكونات الأساسية لدورة المياه التي تحافظ علي توازن النظام البيئي لكوكب الأرض و هي تحدث نتيجة تفاعلات معقدة بين الغلاف الجوي و المحيطات و اليابسة تبدأ بتبخر المياه من المسطحات المائية بفعل الطاقة الشمسية ثم بعدها تكثف في طبقات الجو العليا إلي أن تسقط أخيراً علي شكل هطولات مائية و ترجع أهمية الأمطار إلي أنها تلعب دوراً محورياً في تغذية الأنهار و البحيرات و المياه الجوفية و هو ما يجعلها مصدراً رئيسياً للمياه العذبة التي تعتمد عليها جميع الكائنات الحية كما أنها تساهم في تنظيم درجات الحرارة و تنقية الغلاف الجوي من الجسيمات العالقة به .
و تتكون الأمطار عبر سلسلة من العمليات الفيزيائية التي تبدأ بتبخر الماء من المسطحات المائية بفعل الطاقة الحرارية الشمسية حيث يتحول الماء من الحالة السائلة إلي الغازية (بخار ماء) ثم يرتفع إلي طبقات الجو العليا بسبب إنخفاض كثافته مقارنة بالهواء المحيط و مع إرتفاع البخار إلي طبقات الجو الباردة يبدأ في التكاثف حول نويات التكاثف مثل جزيئات الغبار أو الأملاح مشكلاً قطرات صغيرة من الماء و مع الوقت تتراكم هذه القطرات لتشكل الغيوم و عندما تزداد كتلة هذه القطرات وتصبح ثقيلة بما يكفي لتتغلب علي قوى الرفع الجوي تسقط علي هيئة أمطار .
و من أجل تكون الأمطار من الضروري توفر عدد من العوامل التي تعمل علي تشكلها و من أبرزها درجة الحرارة التي تلعب دوراً رئيسياً في عملية التبخر و التكاثف بجانب الرطوبة النسبية التي تتحكم في كمية بخار الماء في الهواء مقارنة بكميته القصوي عند درجة حرارة معينة و يلعب الضغط الجوي دورا محوريا في تكونها نظرا لأنه يؤثر علي قدرة الهواء علي حمل بخار الماء و أخيرا ضرورة توفر نويات التكاثف التي تعمل كمراكز لتكاثف بخار الماء .
و من منظور علمي تنقسم الأمطار إلي عدد من الأنواع أبرزها الأمطار التصاعدية و تحدث في المناطق الإستوائية و شبه الإستوائية حيث تسخن الشمس سطح الأرض بشكل مكثف مما يؤدي إلي تسخين الهواء الملامس للسطح ثم يرتفع الهواء الساخن الذي يكون أقل كثافة إلي الأعلي حيث يبرد و يتكاثف بخار الماء فيه بشكل يؤدي إلي هطول أمطار غزيرة غالباً ما تكون مصحوبة بعواصف رعدية كما توجد الأمطار التضاريسية و تحدث عندما تصطدم الرياح الرطبة بسلاسل جبلية بشكل يجبر الهواء علي الإرتفاع إلي أعلي و مع إرتفاعه يبرد و يتكاثف بخار الماء مما يؤدي إلي هطول الأمطار علي المنحدرات المواجهة للرياح و علي الجانب الآخر من الجبال يكون الهواء جافاً بسبب فقدانه الرطوبة بشكل يؤدي إلي ظاهرة تسمى ظل المطر كما توجد الأمطار الإعصارية و ترتبط بتكون المنخفضات الجوية و الأعاصير حيث تلتقي كتل هوائية مختلفة في درجة حرارتها و رطوبتها تعمل علي تكاثف سريع لبخار الماء مما يسبب هطول أمطار غزيرة و هذه الظاهرة شائعة في المناطق المعتدلة و أخيرا الأمطار التلقائية و تحدث عندما تلتقي كتلة هوائية دافئة مع كتلة هوائية باردة حيث تصعد الكتلة الدافئة فوق الباردة بشكل يؤدي إلي تبريدها و تكاثف بخار الماء و بالتالي هطول الأمطار .
و للأمطار عدد من الفوائد العلمية و البيئية حيث تعتبر هي العنصر الرئيسي في دورة المياه نظرا لمساهمتها في توزيع المياه من المحيطات إلي اليابسة بشكل يضمن إستمرارية توفر المياه العذبة كما أنها تساهم في تغذية المياه الجوفية بعد تسربها إلي باطن الأرض و هو ما يعزز من مخزون المياه الجوفية التي تعتبر مصدراً مهماً لمياه الشرب والري بجانب أنها تعمل علي تنقية الغلاف الجوي حيث تساعد علي إزالة الجسيمات العالقة و الملوثات مما يحسن من جودة الهواء بالإضافة إلي أهميتها في دعم النظم البيئية لتوفيرها المياه اللازمة للحياة النباتية و الحيوانية مما يحافظ علي التوازن البيئي .
و رغم أن الأمطار لها فوائد عديدة إلا أنه يوجد لها جانب سلبي حيث تتسبب في عدد من الكوارث أبرزها الفيضانات التي تؤدي إلي تدمير البنية التحتية و فقدان الأرواح و تحدث عندما تتجاوز كمية الأمطار قدرة التربة علي الإمتصاص أو الأنهار علي الإستيعاب بجانب كوارث الإنهيارات الأرضية التي تحدث في المناطق الجبلية حيث يمكن أن تؤدي الأمطار الغزيرة إلي تشبع التربة بالمياه مما يقلل من تماسكها كما تعمل علي تلوث المياه في المناطق الصناعية حيث تجرف الأمطار الملوثات الكيميائية إلي مصادر المياه بشكل يهدد صحة الإنسان و البيئة .
و تشير الدراسات العلمية إلي أن التغير المناخي الناجم عن الإحتباس الحراري يؤثر بشكل كبير علي أنماط هطولها فمع إرتفاع درجات الحرارة تزداد معدلات التبخر مما قد يؤدي إلي زيادة هبوط الأمطار في بعض المناطق بينما قد تعاني مناطق أخرى من الجفاف بسبب تغير أنماط الرياح و توزيع الأمطار و هذه التغيرات يمكن أن تؤثر علي الزراعة و إمدادات المياه و إستقرار المجتمعات البشرية .
