يتفق أغلب الناس على أن بطولة كأس العالم فى كرة القدم التى تعتبر بمثابة اللعبة الشعبية الأولي لدى الكثيرين هي واحدة من أكبر الأحداث الرياضية التى تنظم على وجه الأرض و على الرغم من أنها ليست اللعبة الأكثر اهتماما في الولايات المتحدة الا أنها تمكنت عام 1994 من تنظيم البطولة بنجاح و لأول مرة بعد أن استضافت 24 منتخبا قادمين من مختلف قارات العالم للتنافس على لقب البطولة التى حسمها منتخب البرازيل بعد مباراة مثيرة أمام منتخب إيطاليا و انتهت بنهاية درامية بعد أن أضاع اللاعب الإيطالي روبرتو باجيو اخر ضربة ترجيح لمنتخبه و رغم إخفاقه و غضب الكثير من الإيطاليين منه الا أنه يعتبر سعيد الحظ لأنه لم يلقى نفس مصير أحد اللاعبين الذين شاركوا فى البطولة و هو الكولومبى أندريس إسكوبار الذى تم إغتياله فى حادث مأساوي أصاب الكثيرين من عشاق اللعبة بالصدمة و ذلك بعد تسببه فى إحراز هدف دون قصد فى مرمي فريقه ساهم بشكل كبير فى خروجهم من البطولة .
بدأت تلك البطولة في 17 يونيو عام 1994 و بدأ اللاعب “أندريس إسكوبار” و زملاؤه الكولومبيين اللعب في اليوم التالي كجزء من المجموعة الأولى مع “الولايات المتحدة و سويسرا و رومانيا” و كانت التوقعات مرتفعة بالنسبة للمنتخب الكولومبى حيث كان مشواره مميزا خلال التصفيات بعد أن خسروا خلالها مباراة واحدة فقط من مجموع 26 مباراة خاضتها و دخل فى مرماهم هدفين فقط و خلال البطولة جاءت أول مباراة لكولومبيا ضد “رومانيا” في 18 يونيو 1994 في “روز بول” في “باسادينا” لكن الفريق بدا بطيئًا و ظهر بشكل باهت و خسر بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد و هذا يعني أن المباراة التى ستقام يوم 22 يونيو ضد “الولايات المتحدة” كانت الفوز ضروري بالنسبة لهم للإستمرار فى تلك البطولة و لكن كان من الواضح أنه يوم مأساوي بالنسبة للاعب “أندريس إسكوبار” .
فى تلك البطولة كانت “الولايات المتحدة” قد تعادلت في أول مباراة لها مع “سويسرا” بهدف لكل منهم و هو ما جعل ” كولومبيا ” تتذيل المجموعة خلال مباريات الجولة الأولى و خلال الجولة الثانية تواجه الفريقان حيث كان ” أندريس إسكوبار ” مدافعًا بشكل أساسي طوال حياته فى الملاعب و لم تكن وظيفته تسجيل الأهداف بل منع الفريق الآخر من القيام بذلك لكنه فى ذلك اليوم كان له رأى أخر فمع حلول الدقيقة 34 من الشوط الأول و بينما كانت لا تزال النتيجة هى التعادل السلبي أرسل لاعب الوسط الأمريكي “جون هاركس” كرة عرضية من الجناح الأيسر في منطقة الجزاء و أثناء محاولة اللاعب ” أندريس إسكوبار ” اعتراضها قام بتحويل الكرة إلى داخل مرمى فريقه مما منح “الولايات المتحدة” التقدم و رغم محاولات الكولمبيين تعويض الفارق الا انها فشلت فى ذلك المسعي و انتهت المباراة بنتيجة 2-1 و رغم فوز “كولومبيا” في مباراتها الثالثة على ” سويسرا ” بهدفين دون مقابل الا انها لم تشفع لها للصعود الى الدور الثاني مع فوز “رومانيا” على “الولايات المتحدة” و يتم إقصائها من البطولة .
و بعد خروج “كولومبيا” من كأس العالم عاد “أندريس إسكوبار” إلى وطنه و كان عازمًا على المضي قدمًا في حياته على الرغم من مناشدات أحبائه بالابتعاد قليلا عن الناس لأن المشجعين كانوا لا يزالون مستائين منه الا انه عاد و كتب بيانا فى صحيفة ” ال تيمبو ” الكولومبية قال فيه :
“الحياة لا تنتهي هنا و علينا الاستمرار مهما كانت الصعوبة و لا يجب أن نقف مكتوفي الأيدي و لدينا خياران فقط إما أن نسمح للغضب أن يشلنا أو نتغلب و نبذل قصارى جهدنا لمساعدة الآخرين .. إنه خيارنا .. لذلك دعونا نحافظ على الاحترام من فضلكم و تحياتى الحارة للجميع لقد كانت تجربة مدهشة و نادرة للغاية و سنرى بعضنا البعض مرة أخرى قريبًا لأن الحياة لا تنتهي هنا “.
و فى يوم 1 يوليو عام 1994 خرج “أندريس إسكوبار” مع أصدقائه و توجهوا الى قضاء السهرة فى احدى الحانات بمسقط رأسه في “ميديلين” ثم افترقوا في وقت متأخر من الليل و في حوالي الساعة 3:00 صباح 2 يوليو كان وحده في موقف للسيارات و اقتربت منه مجموعة من الرجال و تجادلوا معه حول الهدف المؤسف و تبع ذلك مشاجرة أطلق من خلالها النار على ” أندريس إسكوبار ” ليخر صريعا على الأرض بعد إصابته بستة رصاصات و ينزف حتى الموت و في وقت لاحق من تلك الليلة القى القبض على “هامبرتو كاسترو مونوز” و هو حارس شخصي لبعض أعضاء فى عصابة مخدرات قوية و الذى أعترف بارتكابه جريمة القتل و يقدم الى المحاكمة و يحُكم عليه بالسجن 43 عامًا أما اللاعب المغدور فقد أقيمت له جنازة مهيبة حضرها 120 ألف شخص .
أقرأ أيضا : أغرب مباراة فى التاريخ .. يحاولون احراز هدف بمرماهم للصعود و لاعبى الخصم يدافعون عنه لمنعهم
و بعد أن قضى 11 عامًا فقط في السجن تم إطلاق سراح “مونوز” و لا يزال الكثيرين يعتقدون أن الأخوة “جالون هيناو” و الذين كانوا زعماء لتلك العصابة هم من أمروا “مونوز” بقتل ” أندريس إسكوبار ” و لكن لسوء الحظ لم تكن هناك أدلة كافية للإدانة و تقديرا لما حدث الى ذلك اللاعب فقد أقيم له تمثال فى مدينة “ميديلين ” لتخليد ذكرى لاعب دفع حياته ثمنا لخطأ لم يقصده فى بطولة كأس العالم .