ألكسندر فليمنج هو طبيب أسكتلندي و عالم في الأحياء الدقيقة إشتهر بإكتشاف أول مادة مضادة حيوية فعالة علي نطاق واسع في العالم و أطلق عليها إسم البنسلين بعد أن قام إستخلاصها من فطر البنسيليوم روبنز و قد وصف إكتشافه بأنه أحد أعظم الإنتصارات الطبية علي المرض في التاريخ لذلك فهو يرجع إليه الفضل في إنقاذ الملايين من الأرواح و نتيجة إكتشافه و إسهامته الطبية و العلمية حصل علي وسام الفارس تقديرا لإنجازاته عام 1944 و جائزة نوبل في الطب عام 1945 بالمشاركة مع عالم الأمراض الأسترالي هوارد والتر فلوري و عالم الكيمياء الحيوية البريطاني الألماني المولد إرنست بوريس تشين الذان قاما بعزل البنسلين و تنقيته لسهولة إستخدامه في التطبيقات الطبية و علي الرغم من وفاة ألكسندر فليمنج عام 1955 إلا أن إكتشافه لا يزال يستخدم حتي اللحظة بعالم الطب و في مجالات مكافحة الأمراض لذلك تم إدراجه عام 1999 في قائمة مجلة تايم لأهم 100 شخصية في القرن العشرين و في عام 2002 تم إختياره في إستطلاع أجرته شبكة بي بي سي لتحديد أعظم 100 بريطاني و في عام 2009 تم التصويت له كثالث أعظم اسكتلندي في استطلاع للرأي أجرته قناة إس تي في بعد روبرت بيرنز و ويليام والاس .
حياة ألكسندر فليمنج المبكرة
ولد ” ألكسندر فليمنج ” في 6 أغسطس عام 1881 بريف لوتشفيلد شرق أيرشاير في ” أسكتلندا ” و كان والداه ” هيو ” و ” جريس ” يعملان في الزراعة و كان ” ألكسندر ” أحد أطفالهما الأربعة كما كان لديه أيضًا أربعة إخوة غير أشقاء من زواج والده الأول و بدأ دراسته بمدرسة لودن مور ثم مدرسة دارفيل و بعدها أكاديمية كيلمارنوك قبل أن ينتقل إلي ” لندن ” عام 1895 حيث عاش مع أخيه الأكبر ” توماس فليمنج ” و هناك أنهي تعليمه الأساسي في كلية ” ريجنت ستريت بوليتكنيك ” التي أصبحت لاحقا ” جامعة وستمنستر ” و بعدها إلتحق بالجيش الإقليمي و خدم فيه في الفترة من عام 1900 و حتي 1914 في فوج ” لندن ” الأسكتلندي و أثناء ذلك دخل في المجال الطبي بداية من عام 1901 و درس في كلية الطب بمستشفى سانت ماري بجامعة لندن و خلال وجوده فيها حصل علي الميدالية الذهبية عام 1908 كأفضل طالب طب .
حياته المهنية المبكرة و الحرب العالمية الأولي
و خلال وجود ” ألكسندر فليمنج ” بالمجال الطبي كان يخطط أن يصبح جراحًا لكن منصبه المؤقت بقسم التلقيح في مستشفى سانت ماري غير طريقه نحو مجال علم الجراثيم الجديد آنذاك و فيه طور مهاراته البحثية تحت إشراف عالم البكتيريا و علم المناعة السير ” ألمروث إدوارد رايت ” الذي مثلت أفكاره الثورية في العلاج باللقاحات إتجاهًا جديدًا تمامًا في العلاج الطبي و عقب إندلاع الحرب العالمية الأولي خدم ” ألكسندر فليمنج ” في الهيئة الطبية بالجيش الملكي و كان يعمل كعالم بكتيريا و يدرس إلتهابات الجروح في مختبر مؤقت أنشأه ” رايت ” بمدينة ” بولوني ” في ” فرنسا ” و من خلال بحثه هناك إكتشف ” ألكسندر فليمنج ” أن المطهرات المستخدمة بشكل شائع في ذلك الوقت كانت تضر أكثر مما تنفع حيث أن آثارها السلبية علي عوامل مناعة الجسم تفوق إلي حد كبير قدرتها علي تحطيم البكتيريا الضارة و بالتالي كان عدد الجنود الذين يموتون بسبب العلاج المطهر أكبر من عدد الجنود الذين يموتون من الجروح التي من الممكن أن تقوم المناعة بعلاجها لذلك أوصى من أجل شفاء أكثر فعالية بإبقاء الجروح جافة و نظيفة و رغم ذلك ذهبت توصياته أدراج الرياح إلي حد كبير.
و عقب إنتهاء الحرب عاد ” ألكسندر فليمنج ” إلي كلية سانت ماري و في عام 1918 تولي منصبًا جديدًا كمساعد مدير قسم التلقيح و بحلول نوفمبر عام 1921 و بينما كان يعاني من نزلة برد إكتشف ” الليزوزيم ” و هو إنزيم مطهر خفيف موجود في سوائل الجسم و ذلك عندما تقطرت قطرة من المخاط خارجة من أنفه علي مزرعة بكتيريا و إعتقادا منه أن مخاطه قد يكون له تأثير ما علي نمو البكتيريا قام بخلطه مع المزرعة و بعد بضعة أسابيع لاحظ أن البكتيريا قد تحللت و كان هذا أول إكتشاف عظيم لفليمنج فضلاً عن مساهمته الكبيرة في أبحاث نظام المناعة البشرية (و مع ذلك فقد تبين أن الليزوزيم لم يكن له أي تأثير علي البكتيريا الأكثر فتكا ) .
إكتشاف ألكسندر فليمنج للبنسلين
في سبتمبر عام 1928 و حين عاد ” ألكسندر فليمنج ” إلي مختبره بعد قضاء شهر مع عائلته لاحظ أن مزرعة المكورات العنقودية الذهبية التي تركها قد أصبحت ملوثة بالعفن و أكتشف أيضًا أن المستعمرات المحيطة بهذا العفن قد تم تدميرها و قال لاحقًا عن الحادث: “عندما إستيقظت بعد فجر يوم 28 سبتمبر 1928 لم أكن بالتأكيد أخطط لإحداث ثورة في الطب بإكتشاف أول مضاد حيوي في العالم أو قاتل البكتيريا لكنني أعتقدت أن هذا هو بالضبط ما فعلته ” و قد أطلق علي تلك المادة في البداية إسم “عصير العفن” ثم بعدها أطلق عليها إسم “البنسلين” نسبة للعفن الذي ينتجها .
و إعتقادا منه أنه وجد إنزيمًا أقوى من الليزوزيم قرر ” ألكسندر فليمنج ” إجراء المزيد من البحث لكن ما إكتشفه هو أنه لم يكن إنزيمًا علي الإطلاق بل مضاد حيوي و هو أحد أوائل المضادات الحيوية التي تم إكتشافها و نظرا لأنه كان من الصعب أن تكون عملية تطويره علي يد رجل واحد فقط قام ” أليكسندر فليمنج ” بتجنيد إثنين من الباحثين الشباب و لكن لسوء الحظ فشل الرجال الثلاثة في تثبيت البنسلين و تنقيته لكنه أشار إلي أن تلك المادة لديها إمكانات سريرية سواء في الأشكال الموضعية أو عن طريق الحقن إذا أمكن تطويرها بشكل صحيح .
و في أعقاب إكتشاف ” ألكسندر فليمنج ” لمادة البنسلين قام فريق من العلماء من جامعة أكسفورد بقيادة ” هوارد فلوري ” و زميله ” إرنست تشين ” بعزل البنسلين و تنقيته إلي أن أدخل المضاد الحيوي حيز الإستخدام في نهاية المطاف خلال الحرب العالمية الثانية بشكل أحدث ثورة في طب ساحات المعارك و علي نطاق أوسع بكثير في مجال مكافحة العدوي لذلك تقاسم ” فلوري ” و ” تشين ” و ” ألكسندر فليمنج ” جائزة نوبل في الطب عام 1945 و هو ما أحدث كثير من الجدل بين الناس بشأن من يجب أن يحصل علي أكبر قدر من الفضل في إكتشاف البنسلين و مالت الصحافة إلي التأكيد علي دور ” فليمنج ” بسبب القصة المقنعة لإكتشافه بالصدفة و قيامه بإجراء أبحاث مكثفة حول ذلك الإكتشاف .
سنواته الاخيرة و وفاته
في عام 1946 خلف ” ألكسندر فليمنج ” أستاذه ” ألمروث إدوارد رايت ” و أصبح رئيس قسم التلقيح في كلية سانت ماري و الذي تم تغيير إسمه لاحقا إلي معهد ” رايت فليمنج ” كما شغل منصب رئيس جمعية علم الأحياء الدقيقة العام و أصبح عضوا في الأكاديمية البابوية للعلوم و عضوًا فخريًا في كل مجتمع طبي و علمي تقريبًا في العالم أما خارج المجتمع العلمي فقد تم تعيين ” ألكسندر فليمنج ” رئيسًا لجامعة إدنبرة بداية من عام 1951 و حتي 1954 و حصل علي درجة الدكتوراه الفخرية من حوالي 30 جامعة أوروبية وأمريكية.
و في 11 مارس عام 1955 توفي ” ألكسندر فليمنج ” إثر نوبة قلبية بمنزله في ” لندن ” عن عمر يناهز 73 عام .
مقتطفات من حياة ألكسندر فليمنج
- خلال دراسته تم وضع ” ألكسندر فليمنج في فصل دراسي مع الأولاد الذين يكبرونه بسنتين و تخرج و هو في السادسة عشرة من عمره .
- تزوج ” ألكسندر فليمنج ” من ” سارة ماريون ماكيلروي ” عام 1915 حين كان يعمل كقائد في الهيئة الطبية و أنجب منها إبنهما الوحيد ” روبرت ” الذي أصبح لاحقا طبيبا عاما ثم توفيت عام 1949 و بعدها تزوج من الدكتورة ” أماليا كوتسوري فوريكاس ” التي كانت عضو في مجموعته البحثية بكلية طب مستشفى سانت ماري عام 1953 .
- سافر إلي ” الولايات المتحدة ” عام 1945 و قدمت له الصناعات الكيماوية بها هدية شخصية قدرها 100 ألف دولار أمريكي كبادرة تقدير و شكر لجهوده و لكن لم يأخذها لنفسه بل تبرع بها لمختبرات الأبحاث في كلية الطب بمستشفى سانت ماري .