أفلاطون هو فيلسوفًا يونانيًا قديمًا و يعتبر من كبار المفكرين في الفلسفة و مؤسس مدرسة الأكاديمية في مدينة أثينا التي تعد بمثابة أولي مؤسسات التعليم العالي في العالم الغربي و قام فيها بتدريس المذاهب التي أصبحت تعرف فيما بعد بالأفلاطونية و كان معروف عنه أنه فيلسوف مبتكر للحوار المكتوب و الأشكال الجدلية في الفلسفة كما إستكشفت كتاباته العدالة و الجمال و المساواة و تضمنت أيضًا مناقشات في علم الجمال و الفلسفة السياسية و اللاهوت و علم الكونيات و نظرية المعرفة و فلسفة اللغة و من أشهر مساهماته هي نظرية الأشكال أو الأفكار التي تم تفسيرها على أنها تقدم حلاً لما يعرف الآن بمشكلة المسلمات بالإضافة إلي كتاب الجمهورية و هو حوار سقراطي ألفه حوالي عام 380 قبل الميلاد يتحدث فيه عن تعريف العدالة و النظام و طبيعة الدولة العادلة و الإنسان العادل و يعد أفلاطون إلي جانب معلمه سقراط و تلميذه أرسطو شخصية مركزية في تاريخ الفلسفة و يُعتقد أن أعماله بأكملها ظلت سليمة لأكثر من 2400 عام على عكس أعمال جميع معاصريه تقريبًا و على الرغم من أن شعبيتها كانت متقلبة إلا أنها تمت قراءتها و دراستها بإستمرار عبر العصور .
حياة أفلاطون المبكرة
نظرًا لعدم وجود مصادر أولية عن تلك الفترة الزمنية فقد تم بناء جزء كبير من حياة أفلاطون من خلال كتاباته و كتابات المعاصرين له و المؤرخين الكلاسيكيين حيث يقدر أن ميلاده كان حوالي عام 428 قبل الميلاد لكن العلماء المعاصرين الذين تتبعوا الأحداث اللاحقة في حياته يعتقدون أنه ولد بين عامي 424 و 423 قبل الميلاد و كان كلا والديه من الطبقة الأرستقراطية اليونانية حيث ينحدر والده ” أريستون ” من طبقة ملوك أثينا و ميسينيا و يقال أن والدته ” بيريكشن ” كان لها صلة قرابة برجل الدولة اليوناني ” سولون ” و يرى بعض العلماء أن ” أفلاطون ” سمي بهذا الإسم نسبة إلي جده ” و ذلك إتباعا لتقليد تسمية الإبن الأكبر علي إسم الجد لكن لا يوجد دليل قاطع على ذلك و يزعم مؤرخين آخرين أن “أفلاطون” كان لقبًا يشير إلى بنيته الجسدية الواسعة و كما هو الحال مع العديد من الأولاد الصغار من طبقته الإجتماعية ربما تلقى ” أفلاطون ” التدريس على يد أفضل المعلمين في ” أثينا ” و كانت المناهج التي درسها علي مذاهب ” كراتيلوس ” و ” فيثاغورس ” بالإضافة إلي ” بارمينيدس ” التي ربما ساعدته في تطوير أسس دراسته الميتافيزيقا (الطبيعة) و نظرية المعرفة .
و حين كان صغير توفي والد ” أفلاطون ” و تزوجت والدته من عمها ” بيريلامبيس ” و هو سياسي يوناني و سفيرها في بلاد فارس و يُعتقد أن ” أفلاطون ” كان لديه شقيقان و أخت واحدة و أخ غير شقيق و ليس من المعروف ترتيبه و في كثير من الأحيان ظهر أفراد عائلته في حواراته و يعتقد المؤرخين أن هذا مؤشر علي إعتزازه بنسب عائلته و في شبابه شهد ” أفلاطون” حدثين رئيسيين حددا مسار حياته أحدهما كان لقاءه بالفيلسوف اليوناني العظيم ” سقراط ” الذي أثارت أساليبه في الحوار و المناظرة إعجابه كثيرًا لدرجة أنه أصبح شريكًا مقربًا منه أما الحدث المهم الآخر فكان الحرب البيلوبونيسية بين أثينا و إسبرطة التي خدم فيها ” أفلاطون ” لفترة وجيزة بين عامي 409 و 404 قبل الميلاد و التي إنتهت بهزيمة أثينا و سقوط ديمقراطيتها و إستبدالها بالأوليجارشية و التي عقب الإطاحة بها و إستعادة الديمقراطية مجددا فكر ” أفلاطون ” لفترة وجيزة في العمل في السياسة لكن إعدام ” سقراط ” عام 399 قبل الميلاد جعلته ينزعج منها و تحول إلي حياة الدراسة و الفلسفة .
و عقب وفاة ” سقراط ” سافر ” أفلاطون ” لمدة 12 عامًا في جميع أنحاء منطقة البحر الأبيض المتوسط و درس الرياضيات مع الفيثاغوريين في ” إيطاليا ” و الهندسة و الجيولوجيا و علم الفلك و الدين في ” مصر ” و خلال هذا الوقت أو بعد فترة وجيزة بدأ في كتاباته المكثفة و هناك بعض الجدل بين العلماء حول ترتيب هذه الكتابات لكن معظمهم يعتقدون أنها تقع في ثلاث فترات متميزة .
الفترات المبكرة و المتوسطة و المتأخرة من حياة أفلاطون
كانت الفترة الأولي أو المبكرة حدثت خلال رحلات أفلاطون (399-387 قبل الميلاد) و كانت النصوص في هذه الفترة الزمنية تشمل ” بروتاجوراس ” و ” يوثيفرو ” و “هيبياس الكبري و الصغرى ” و ” أيون ” و خلال تلك الفترة حاول “أفلاطون ” نقل فلسفة ” سقراط ” و تعاليمه و في الفترة الثانية أو الوسطي كتب عن المُثُل المركزية للعدالة و الشجاعة و الحكمة و الإعتدال للفرد و المجتمع و تمت كتابة كتاب الجمهورية خلال هذا الوقت من خلال إستكشاف الحكومة العادلة التي يحكمها الملوك الفلاسفة أما في الفترة الثالثة أو المتأخرة أصبح فيها ” سقراط ” دور ثانوي و ألقي فيها ” أفلاطون ” نظرة فاحصة على أفكاره الميتافيزيقية المبكرة و إستكشف دور الفن بما في ذلك الرقص و الموسيقى و الدراما و الهندسة المعمارية و كذلك الأخلاق و أقترح في كتاباته حول نظرية الأشكال أن عالم الأفكار هو الثابت الوحيد و أن العالم المدرك من خلال حواسنا خادع و متغير.
تأسيس الأكاديمية
في وقت ما من عام 385 قبل الميلاد أسس ” أفلاطون ” مدرسة للتعليم عُرفت بإسم الأكاديمية و ترأسها حتى وفاته و يعتقد أنها كانت تقع في حديقة مغلقة تحمل إسم بطل أثيني أسطوري و عملت الأكاديمية حتى عام 529 م حتي أغلقها الإمبراطور الروماني ” جستنيان الأول ” الذي كان يخشى أن تكون مصدرًا للوثنية و تهديدًا للمسيحية و علي مدار سنوات عملها شمل منهج الأكاديمية علوم الفلك و الأحياء و الرياضيات و النظرية السياسية و الفلسفة و كان يأمل ” أفلاطون ” أن توفر الأكاديمية مكانًا لقادة المستقبل لإكتشاف كيفية بناء حكومة أفضل في دول المدن اليونانية .
و في عام 367 قبل الميلاد دُعي ” أفلاطون ” من قبل ” ديون ” و هو صديق و تلميذ ليكون المعلم الشخصي لإبن أخيه ” ديونيسيوس الثاني ” الحاكم الجديد لسيراكيوز (صقلية) حيث أعتقد ” ديون ” أن ” ديونيسيوس ” أظهر وعدًا كقائد مثالي و وافق ” أفلاطون ” على ذلك أملا في أن تنتج هذه التجربة ملكًا فيلسوفًا لكن ” ديونيسيوس ” لم يرق إلى مستوى التوقعات و إشتبه في أن ” ديون ” و لاحقًا ” أفلاطون ” يتآمران ضده لذلك نفي الأول و وضع الثاني تحت “الإقامة الجبرية” و في نهاية المطاف عاد ” أفلاطون ” إلي ” أثينا ” و أكاديميته حيث كان أرسطو أحد طلابه الواعدين و الذي أخذ تعاليم معلمه في إتجاهات جديدة.
سنواته الأخيرة و وفاته
قضى ” أفلاطون ” سنواته الأخيرة في الأكاديمية و مع كتاباته و تعد الظروف المحيطة بوفاته غامضة على الرغم من أنه توفي في أثينا حوالي عام 348 قبل الميلاد عندما كان في أوائل الثمانينات من عمره و يرجح بعض العلماء أنه مات أثناء حضوره حفل زفاف بينما يرى آخرون أنه مات بسلام أثناء نومه .
مقتطفات عن حياة أفلاطون
- كان ” أفلاطون ” يؤمن بأن الروح خالدة و تعيش بعد الموت و تمر بدورات من التناسخ.
- دافع ” أفلاطون ” عن حكم الملوك الفلاسفة حيث رأي أن المجتمع المثالي يجب أن يحكمه ملوك فلاسفة حكماء يمتلكون المعرفة و الفضيلة.
- عبر ” أفلاطون ” عن أفكاره الفلسفية من خلال حوارات ضمت ” سقراط ” و شخصيات أخرى منخرطة في الخطاب الفكري .
- كان مؤمنا بأن الدكتاتورية تنشأ بطبيعة الحال من الديمقراطية و أشد أشكال الإستبداد و العبودية تنشأ من الحرية الأكثر تطرفا و أن كل الذهب الذي تحت الأرض أو عليها لا يكفي لتقديمه مقابل الفضيلة.